للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثنية العقاب، فإذا بأثقال يزيد، ثم سرنا قليلا، فإذا يزيد في ركب معه أخواله من بني كلب، وهو على بختي له رحل، ورائطه مثنية في عنقه، ليس عليه سيف ولا عمامة، وكان ضخما سمينا، قد كثر شعره وشعث، فأقبل الناس يسلمون عليه ويعزونه، وهو ترى فيه الكآبة والحزن وخفض الصوت، والناس يعيبون ذلك منه ويقولون: هذا الأعرابي الذي ولاه أمر الناس، والله سائله عنه، فسار، فقلنا: يدخل من باب توما، فلم يدخل، ومضى إلى باب شرقي، فلم يدخل منه وأجازه، ثم أجاز باب كيسان إلى باب الصغير، فلما وافاه أناخ ونزل، ومشى الضحاك بين يديه إلى قبر معاوية، فصفنا خلفه، وكبر أربعا، فلما خرج من المقابر أتى ببغلة فركبها إلى الخضراء، ثم نودي الصلاة جامعة لصلاة الظهر، فاغتسل ولبس ثيابا نقية، ثم جلس على المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، وذكر موت أبيه، وقال: إنه كان يغزيكم البر والبحر، ولست حاملا واحدا من المسلمين في البحر، وإنه كان يشتيكم بأرض الروم، ولست مشتيا أحدا بها، وإنه كان يخرج لكم العطاء أثلاثا، وأنا أجمعه لكم كله. قال: فافترقوا، وما يفضلون عليه أحدا.

وعن عمرو بن ميمون: أن معاوية مات وابنه بحوارين، فصلى عليه الضحاك.

وقال أبو بكر بن أبي مريم، عن عطية بن قيس قال: خطب معاوية فقال: اللهم إن كنت إنما عهدت ليزيد لما رأيت من فضله، فبلغه ما أملت وأعنه، وإن كنت إنما حملني حب الوالد لولده، وإنه ليس بأهل، فاقبضه قبل أن يبلغ ذلك.

وقال حميد بن عبد الرحمن: دخلنا على بشير، وكان صحابيا، حين استخلف يزيد فقال: يقولون إنا يزيد ليس بخير أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وأنا أقول ذلك، ولكن لأن يجمع الله أمة محمد أحب إلي من أن تفترق.

<<  <  ج: ص:  >  >>