وتملّك أعواماً، وبويع بعده ابنه عبد الواحد ولقّب بالرشيد مع خلاف ابن عمّه يحيى له.
وكان أبو العلى قد عصى عليه أهل سبتة مع أبي العباس الينشتيّ وأخذوا منه طنجة وقصر عبد الكريم، فجاء بجيشه، ونازل سبتة وبالغ في حصرها. فخرج أهل سبتة قبله فبيّتوا الجيش فهزموهم. وركب بعض الأوباش مركباً في البحر، وساروا إلى أن حاذوا الملك أبا العلى، فصيّحوا به، فوقف لهم، فقالوا: يا أمير المؤمنين أصبح أهل سبتة فيك فرقتين، فلمّا سمع هذا، أنصت ورجا خيراً، فقال: ما يقولون؟ قالوا: قوم يقولون: أمير المؤمنين أقرع، وقومٌ يقولون: أصلع، فبالله أعلمنا حتّى نخبرهم، فغضب وتبرّم من هذا. ومات بعد يسير.
(كان بطلاً شجاعاً، ذا رأي ودهاء وسعادة. كان بالأندلس مع أخيه العادل عبد الله، فلمّا ثارت الفرنج عليه - كما ذكرنا في ترجمة عبد الواحد المتوفّى سنة إحدى وعشرين - نزح من الأندلس واستخلف على إشبيلية أبا العلى هذا، وجرت أمور. ثمّ إنّ أبا العلى ادّعى الخلافة بالأندلس - كما قدّمنا - ثمّ جاء وملك مرّاكش، وانتزع المغرب من الملك يحيى بن محمد - وهو نسيبه - وحاربه مراراً، ويهزم يحيى فاستجار يحيى بقومٍ في حصن بنواحي تلمسان فقتل غيلة. واستقلّ المأمون بالأمر. وكان صارماً، سفّاكاً للدّماء.
مات في الغزو في هذه السنة.
وكان قد أزال ذكر ابن تومرت من خطبة الجمعة. وتملّك بعده ابنه عبد الواحد الرشيد عشرة أعوام).