للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سنة ٥٣٤ هـ وسرعان ما شاع هذا الأمر بين المحدثين، قال ابن نقطة المتوفى سنة ٦٢٩ هـ: "قال لي أبو العباس أحمد بن علي بن عبد الرحمن المقرئ الأندلسي: دخل جماعة من القادسية إلى إربل من طلبة الحديث فقالوا لي: احذر أن تقرأ على الشيخ هذا الجزء فإنه من مسموعات أخيه. فسألته عن مولده فتكاره في ذلك وقال: "ما أدري أيش مقصود أصحاب الحديث يسألون الإنسان عن مولده كأنهم يتهمونه" فذكر مولده، فقلت إنه ليس من سماعاته (١) باعتبار أن سنه لا تحتمل السماع.

ولما كان الاهتمام بذكر المواليد قد جاء نتيجة العناية بالرواية ولقاء المشايخ لذلك لاحظنا شدة اهتمام الذهبي بذكر مواليد المحدثين بصفة خاصة بينما كثيرًا ما أهملها في غيرهم من الملوك والأمراء والمتكلمين ونحوهم.

إن ذكر تاريخ المولد يعتمد بالدرجة الأولى على معرفة المترجم نفسه به لذلك فإن مؤلفي كتب التراجم غالبًا ما يذكرون المولد حسبما يورده صاحب الترجمة عندما يسأله الطلبة عنه. وغالبًا ما تُضبطُ مواليدُ ذوي البيوتات العلمية أكثر من غيرهم، ذلك أن آباءهم أو أقاربهم يهتمون بتقييد تاريخ مولد أبنائهم لأنهم يأملون أن يكونوا من أهل العلم والعناية به.

وكان الذهبيُّ يذكر في بعض الأحيان عمر المترجم إذا لم يذكر تاريخ مولده، وفي هذه الحالة غالبًا ما يأتي ذكر ذلك في نهاية الترجمة وبعد ذكره لتاريخ وفاته نحو قوله مثلًا: "عاش إحدى وتسعين سنة" (٢) ونحو ذلك (٣)، وإذا لم يظفر بتاريخ مولده دلل على قدم مولده، نحو قوله: "قديم المولد" (٤).


= الكامل، ١١/ ٨٠، سبط ابن الجوزي: مرآة، ٨/ ١٧٨ - ١٨٠، الذهبي: سير أعلام النبلاء ٢٠/ ٢٣ - ٢٨، والعبر ٤/ ٩٦ - ٩٧، العيني: عقد الجمان، ج ١٦ الورقة ١٢١ - ١٢٢ (مصورة القاهرة ١٥٨٤ تاريخ).
(١) ابن نقطة: التقييد ص ٣٨١ - ٣٨٢ ولذلك تناوله ابن حجر في "لسانه" ٤/ ٥٤.
(٢) الورقة ٣٠ (أيا صوفيا ٣٠١١).
(٣) انظر مثلًا: الورقة ٨٦، ٨٩، ١٣٣، ١٣٩، ١٤٧، ١٦٥، ١٧٢، ١٧٣ (أيا صوفيا ٣٠٠٨)، والورقة ٣٤، ٣٦، ٦٦ (أيا صوفيا ٣٠١١) وغيرهما كثير.
(٤) الورقة ٦٠ (أيا صوفيا ٣٠١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>