للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اتفقوا فملكوا، والأبناءَ منه اختلفوا، فَهَلَكُوا. وقيل: كان فيه تشيّعٌ. ولمّا عمل عليه عمُّه العادل أبو بكر قال:

ذي سُنَّةٌ بَيْنَ الأَنَامِ قديمةٌ … أَبَدًا أبو بكرٍ يَجُورُ عَلَى عَلِي

وكتب إلى الخليفة:

مَوْلاي إنَّ أبا بكرٍ وصَاحِبَه … عُثْمَانَ قَدْ غَصَبَا بالسِّيفِ حَقَّ عَليّ

وهُوَ الَّذِي كَانَ قَدْ وَلَّاهُ والده … عليهما واستقام الأمر حين ولي

فخالفاه وحلاّ عقد بيعته … والأمر بينهما والنصّ فيه جلي

فانظر إلى حظ هذا الاسمِ كَيْفَ لَقِي … مِنْهُ الأَوَاخِرُ مَا لاقى مِنَ الأُوَلِ

فجاءه في جواب النّاصر لدين الله:

وَافى كِتَابُك يا بن يوسُف مُعْلِنًا … بالوُدِّ يُخْبِرُ أنَّ أصْلَكَ طَاهِرُ

غَصَبُوا عليًّا حَقَّه إذْ لَمْ يَكُنْ … بَعْدَ النَّبيِّ لَهُ بِطَيْبَةَ نَاصِرُ

فابْشِرْ فإنَّ غدًا عليه حِسَابُهم … واصْبِرْ فَنَاصِرُك الإِمامُ النّاصرُ

وقيل - ولم يَصحّ -: إنَّه جَرَّدَ سبعين ألفًا لِنصرته. فجاءه الخبرُ أنَّ الأمر قد فات، فَبَطَل التّجريدُ.

قال ابن الأثير في " تاريخه " (١): ولم يملك الأفضلُ مملكة قَطُّ إلّا وأخذها منه عمُّه العادل؛ فأوَّل ذلك أنّ أباه أقطعه حَرَّان ومَيَّافَارْقِينَ سَنَة ستّ وثمانين وخمسمائة، فسار إليها، فأرسل إليه أبوه، وردَّه مِن حلب، وأعطى حَرَّان ومَيَّافَارْقِينَ لأخيه الملكِ العادلِ. ثمّ مَلَك الأفضلُ دمشقَ بعدَ والده، فأخذها منه عمُّه العادِلُ في شعبان سَنَة اثنتين وتسعين، ثمّ مَلَكَ مصر بعد أخيه العزيز، فأخذها منه. ثمّ ملك صَرْخَد، فأخذها منه.

قال (٢): وكان مِن محاسن الدُّنيا لم يكن في الملوك مثلُه. كَانَ خيِّرًا، عادلًا، فاضلًا، حليمًا، كريمًا، قلَّ أنْ عاقب على ذنب. إلى أن قال: وبالجملة اجتمعِ فيه مِن الفضائل والمناقب ما تفرَّق في كثيرِ مِن الملوك. لا


(١) الكامل ١٢/ ٤٢٨ وأخذ المؤلف المعنى فبعض العبارات لم يقلها ابنُ الأثير إنما استنتجها الذهبي.
(٢) الكامل ١٢/ ٤٢٨ - ٤٢٩.