بالمشرق عن جماعة بأصبهان ونيسابور من أصحاب أبي علي الحداد، وأبي عبد الله الفراوي وغيرهما. وعاد إلى مصر، فاستأدبه الملك العادل لابنه الكامل - ولي عهده - وأسكنه القاهرة، فنال بذلك دنيا عريضةً. وكان يسمع ويدرس، وله تواليف منها: كتاب إعلام النص المبين في المفاضلة بين أهل صفين. وقد كتب إلي بالإجازة سنة ثلاث عشرة.
قلت: رحل وهو كهلٌ فحج، وسمع بمصر من أبي القاسم البوصيري، وغيره، وببغداد من جماعةٍ. وبواسط من أبي الفتح المندائي؛ سمع منه مسند أحمد. وسمع بأصبهان معجم الطبراني الكبير من أبي جعفر الصيدلاني. وسمع بنيسابور صحيح مسلم بعلو بعد أن حدث به بالمغرب بالإسناد الأندلسي النازل، ثم صار إلى دمشق وحدث بها.
روى عنه الدبيثي، وقال: كان له معرفةٌ حسنةٌ بالنحو واللغة، وأنسةٌ بالحديث، فقيهاً على مذهب مالك، وكان يقول: إنه حفظ صحيح مسلمٍ جميعه، وأنه قرأه على بعض شيوخ المغرب من حفظه، ويدعي أشياء كثيرة.
قلت: كان صاحب فنونٍ، وله يدٌ طولى في اللغة، ومعرفةٌ جيدة بالحديث على ضعفٍ فيه.
قرأت بخط الضياء الحافظ: وفي ليلة الثلاثاء رابع عشر ربيع الأول توفي أبو الخطاب عمر بن دحية. وكان يتسمى بذي النسبين بين دحية والحسين. لقيته بأصبهان، ولم أسمع منه شيئاً، ولم يعجبني حاله. وكان كثير الوقيعة في الأئمة. وأخبرني إبراهيم السنهوري بأصبهان أنه دخل المغرب، وأن مشايخ المغرب كتبوا له جرحه وتضعيفه. وقد رأيت منه أنا غير شيء مما يدل على ذلك.
قلت: بسببه بنى السلطان الملك الكامل دار الحديث بالقاهرة، وجعله شيخها.
وقد سمع منه الإمام أبو عمرو ابن الصلاح الموطأ سنة نيفٍ وستمائة، وأخبره به عن جماعة منهم: أبو عبد الله بن زرقون بإجازته من أحمد بن محمد الخولاني، وهو إسنادٌ مليحٌ عالٍ. ولكن قد أسنده الضياء أعلى من هذا