ترى الغر الجحاجح من قريش إذ ما الأمر ذو الحدثان عالا قياما ينظرون إلى سعيد كأنهم يرون به هلالا وقال ابن سعد: توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ولسعيد بن العاص بن أبي أحيحة تسع سنين أو نحوها. ولم يزل في ناحية عثمان لقرابته منه، فاستعمله على الكوفة لما عزل عنها الوليد بن عقبة، فقدمها سعيد شابا مترفا، فأضر بأهلها إضرارا شديدا، وعمل عليها خمس سنين إلا أشهرا، ثم قام عليه أهل الكوفة وطردوه، وأمروا عليهم أبا موسى، فأبى عليهم، وجدد البيعة في رقابهم لعثمان، وكتب إليه فاستعمله عليهم. وكان سعيد بن العاص يوم الدار مع عثمان يقاتل عنه، ولما خرج طلحة والزبير نحو البصرة خرج معهم سعيد، ومروان، والمغيرة بن شعبة، فلما نزلوا مر الظهران قام سعيد خطيبا، فحمد الله، وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد، فإن عثمان عاش حميدا، وخرج فقيدا شهيدا، فضاعف الله له حسناته، وقد زعمتم أنكم خرجتم تطلبون بدمه، فإن كنتم تريدون ذلك، فإن قتلة عثمان على صدور هذه المطي وأعجازها، فميلوا عليهم بأسيافكم. فقال مروان: لا بل نضرب بعضهم ببعض، فمن قتل ظفرنا منه، ويبقى الباقي فنطلبه وقد وهى. وقام المغيرة فقال: الرأي ما رأى سعيد، وذهب إلى الطائف، ورجع سعيد بن العاص بمن اتبعه، فلم يزل بمكة حتى مضت الجمل وصفين.
وقال قبيصة بن جابر: إنهم سألوا معاوية: من ترى لهذا الأمر بعدك؟ قال: أما كريمة قريش فسعيد بن العاص وأما فلان، وذكر جماعة.
ابن سعد: حدثنا علي بن محمد، عن يزيد بن عياض بن جعدبة، عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم قال: خطب سعيد بن العاص أم كلثوم بنت علي بعد عمر بن الخطاب، وبعث إليها بمائة ألف، فدخل عليها أخوها الحسين فقال: لا تزوجيه، فأرسلت إلى الحسن فقال: أنا أزوجه، واتعدوا لذلك، وحضر الحسن، وأتاهم سعيد بن العاص ومن معه، فقال سعيد: أين أبو عبد الله؟ قال الحسن: سأكفيك، قال: فلعل أبا عبد الله كره