للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قصيدة طويلةٌ هجا فيها خَلْقًا من رؤساء دمشق وسمَّاها " مِقراض الأعراض " ونفاهُ صلاحُ الدِّين على ذلك. فقال (١):

فعلام أبعدتم أخا ثقةٍ … لم يجترم ذنبًا ولا سرقا

انفوا المؤذن من بلادكم … إن كَانَ ينفى كلّ من صدقا

ودخلَ اليمن، ومدحَ صاحبها سيفَ الإسلام طغتكين أخا الملك صلاح الدِّين. ثمّ قَدِمَ مصر. ورأيته بإربل، وقَدِمَها رسولًا من الملك المعظم عيسى. وكان وافر الحرمة، ظريفًا، من أخف النَّاس روحًا. ولي الوزارة في آخر دولة المعظم ومُدَّة سلطنة ولده النّاصر بدمشق. ولَمّا تملك الملك العادل، بعث إليه بقصيدة يستأذنه في الدخول إلى دمشق ويستعطفه، وهي (٢):

ماذا على طيف الأحبة لو سرى … وعليهم لو سامحوني بالكرى

جنحوا إلى قول الوشاة وأعرضوا … والله يعلم أن ذلك مفترى

يا معرضًا عني بغير جنايةٍ … إلّا لَمّا اختلق الحسود وزوّرا

منها:

فارقتها لا عن رضا وهجرتها … لا عن قلى ورحلت لا متخيّرا

أشكو إليك نوى تمادى عمرها … حَتّى حسبت اليوم منها أشهرا

ومن العجائب أنّ يقيل بظلكم … كلّ الورى ونبذت وحدي بالعرا

لا عيشتي تصفو ولا رسم الهوى … يعفو ولا جفني يصافحه الكرا

ولَهُ:

مال ابن مازة دونه لعفاته … خرط القتادة وامتطاء الفرقد

مال لزوم الجمع يمنع صرفه … في راحة مثل منادى المفرد

وقال أبو حفص بن الحاجب: اشتغل بطرفٍ من الفقه على القطب النَّيْسَابوريّ، والكمال الشهرزوريّ. وقرأ الأدب على أبي الثناء محمود بن رسلان، وذكر أنَّه سَمِعَ ببغداد من منوجهر بن تركانشاه راوي " المقامات ". واشتغل بالرَّيّ على ابن الخطيب. وكانت أدواته في الأدب كاملةً. ذو نوادر للخاصّة والعامة، وله الشعر الرّائق، كان أوحد عصره في نظمه ونثره، يخرج


(١) وانظر ديوانه ٩٤.
(٢) وانظر ديوانه ٣.