وتقويمها وزكاتها، وأخْذ ثُلث الزّكاة، وثلث التَّرِكات، وعن كلّ إنسان دينار واحد مضاعف الزّكاة، فمبلغ ذلك في العام ستمائة ألف دينار، فأطلق ذلك لهم. وجلس على تخت المُلْك يوم الأحد، وذلك اليوم الثّاني من قتْله المظفَّر، فأشار عليه الوزير زين الدّين ابن الزُّبير وكان مُنْشئًا بليغًا، بأن يغ ّر هذا اللًّقب وقال: ما لُقِّب به أحد فأفلح. لُقِّب به القاهر ابن المعتضد فسُمل بعد قليل وخُلع، ولُقِّب به الملك القاهر ابن صاحب الموصل فسُمّ. فأبطل السّلطان هذا الّلقب وتلقَّب بالملك الظّاهر.
وأمّا نائب دمشق الحلبيّ فبلغه قتْل المظفَّر، فحلف الأمراء بدمشق لنفسه، ودخل القلعة وجدد عمارتها، وتسلطن، وتلقَّب بالملك المجاهد، وخُطِب له بدمشق في سادس ذي الحجة مع الملك الظّاهر. وأمر بضرب الدّراهم باسميهما. وغلت الأسعار وبقي الخبز رِطْلٌ بدرهمين، ووقيّة الجُبْن بدرهم ونصف. وأمّا اللّحم فكاد يُعدم، وبلغ الرطْل بخمسة عشر درهما.
ولمّا استقر الملك الظّاهر في السّلطنة أبعد عنه الملك المنصور عليّ بن المُعز أيْبَك وأُمّه وأخاه قاءان إلى بلاد الأشكري، وكانوا معتَقَلين بالقلعة.
وفي ذي القعدة أمر الأمير عَلم الدّين الحلبيّ بعمارة قلعة دمشق وإصلاحها، وركب بالغاشية والسّيوف المجرَّدة، وحمل له الغاشية ابن الملك العادل والزّاهر ابن صاحب حمص والقُضاة والمدرّسون حوله. ففرح النّاس وعملوا في بنائها.
وكان المظفَّر قد استناب على حلب الملك السّعيد علاء الدّين ابن صاحب الموصل، وقصد بذلك استعلام أخبار العدوّ، لأنّ أخاه الصّالح كان بالموصل، وأخاه المجاهد كان بالجزيرة، فتوجّه السّعيد إلى حلب بأمرائها وعسكرها، فأساء إليهم، وأراد مصادرة الرعيَّة، فاجتمعت الأمراء على قبْضه، وعوّضوا عنه بالأمير حسام الدّين الجوكنْدار العزيزيّ، ثمّ بلغهم أنّ التّتار قد قاربوا البيرة، وكانت أسوار حلب وأبراجها قد هُدمت وهي سائبة كما هي الآن، فانجفل النّاس منها، ثم جاءت التتار فاندفع الجوكندار بالعسكر نحو دمشق، ودخلت التتار حلب، فأخرجوا من فيها من الناس بعيالهم إلى قرنبيا وداروا حولهم ووضعوا فيهم السيف، ثم ساقوا إلى حماة ونازلوها فأخرجوا