حمص القيقان، لأنّ غير واحد حدّث أنّه رأى قِيقانًا عظيمةً قد نزلتْ وقت المصافّ على التّتار تضرب في وجوههم، وحكى بدر الدّين محمد ابن عزّ الدّين حسن القيْمُرِيّ، وكان صدوقًا، قال: كنت مع صاحب حماة فوالله لقد رأيت بعيني طيورًا بيضاء وهي تضرب في وجوه التّتار يومئذ. نقله عنه الجَزَريّ في تاريخه.
وقال أبو شامة: جاء الخبر بأنّ التّتار كُسِروا بأرض حمص كسرةً عظيمة وضُربت البشائر، وكانت الوقعة عند قبر خالد إلى قريب الرَّسْتَن، وذلك يوم الجمعة خامس المحرَّم، وقُتل منهم فوق الألف، ولم يُقتَل من المسلمين سوى رجلٍِ واحد. ثُم جاءت رؤوسهم إلى دمشق.
قلت: حكى أبي أنّهم جابوها في شرائج، وكنّا نتعجّب من كبر تلك الرؤوس لأنّها رؤوس المُغْل.
قال أبو شامة: وجاء الخبر بنزول التّتار على حماة في نصف الشّهر، فقدِم صاحب حماة وصاحب حمص في طلب النَّجدة والاجتماع على قتالهم، فنزل الملك المجاهد عَلَم الدّين عن سلطنة دمشق.
قلت: بل اتفقوا على خلْع الحلبي، وحصروه بالقلعة، وجرى بينهم شيءٌ من قتال، وخرج إليهم وقاتلهم، ثمّ رجع إلى القلعة. فلمّا رأى الغَلَبة خرج في اللّيل بعد أيّام من دمشق من باب سرٍّ قريبٍ من باب توما، وقصد بعْلَبَكّ، فعصى في قلعتها، وبقي قليلًا، فقدِم علاء الدّين طيْبرس الوزيري وأمسك الحلبيّ في قلعة بعلبك، وقيّده وسيّره إلى مصر.
وفيها، في أواخر المحرَّم، وقع على دمشق ثلج عظيم لم يُعهَد، فبقي يومين وليلتين، وبقي على الأسطحة أعلى من ذراع، ثمّ رُمي وبقي كأنّه جبال في الأزِقّة وتضرّر الخلقُ به. وذلك في أوّل كانون الأصمّ.
وأما التّتار فقال قُطْبُ الدّين أبقاه الله: ولمّا عاد مَنْ نجا من التّتار إلى