وفي أولاها وصل رسول صاحب سيس يبشر السلطان بموت هولاكو ثم ورد الخبر بأن التتار ملكوا أبغا بن هولاكو، وأن بركة قصده فكسره، فعزم الملك الظاهر على التوجه إلى العراق ليغتنم الفرصة، فلم يتكمن لتفرق العساكر في الإقطاعات.
وفي شوال سلطن السلطان ولده الملك السعيد وركبه بأبهة الملك في قلعة الجبل، وحمل الغاشية بنفسه بين يدي ولده من باب السر إلى السلسلة، ثم عاد، وكان صبياً ابن أربع أو خمس سنين، ثم ركب الملك السعيد وسير ودخل من باب النصر، وخرج من باب زويلة وسائر الأمراء مشاة والأمير عز الدّين الحلي راكب إلى جانبه والوزير بهاء الدّين وقاضي القضاة تاج الدّين راكبان أمامه والبيسري حامل الجتر على رأسه، وعليهم الخلع، ثم بعد عشرين يوماً ختن الملك السعيد، وختن معه جماعة من أولاد الأمراء.
وفيها جدد بالديار المصرية القضاة الأربعة، من كل مذهب قاض وسبب ذلك توقف القاضي تاج الدّين ابن بنت الأعز عن تنفيذ كثير من الأحكام وكثر توقفه، فكثرت الشكاوى منه وتعطلت الأمور، فوقع الكلام في ذي الحجة بين يدي السلطان وكان الأمير جمال الدّين أيدغدي العزيزي يكره القاضي تاج الدّين، فقال له: نترك لك مذهب الشّافعيّ، ويولى معك من كل مذهب قاض، فمال السلطان إلى هذا، وكان لأيدغدي العزيزي محل عظيم عند السلطان، فولي قضاء الحنفيّة الصدر سليمان، وقضاء المالكية شرف الدّين عمر السبكي، وقضاء الحنبليّة شمس الدّين محمد ابن العماد، واستنابوا النواب، وأبقى على الشّافعيّ النظر في أموال الأيتام، وأمور بيت المال، ثم فعل ذلك بدمشق.
وفيها أحضر بين يدي السلطان خروف ولد على صورة الفيل، له خرطوم وأنياب.
وفيها وقع الاهتمام بعمارة مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، فوجه إليه الصناع والأخشاب والآلات والمال، فبقيت الصناع فيه أربع سنين.
وفي رمضان حجب الملك الظاهر الخليفة وجعله في برج بقلعة مصر، لكون أصحابه كانوا يخرجون إلى البلد ويتكلمون في أمر الدولة