ثم بعث يزيد برأس الحسين إلى عامله على المدينة، فقال: وددت أنه لم يبعث به إلي، ثم أمر به فدفن بالبقيع عند قبر أمه فاطمة.
وقال عبد الصمد بن سعيد القاضي: حدثنا سليمان بن عبد الحميد البهراني قال: سمعت أبا أمية الكلاعي قال: سمعت أبا كرب قال: كنت في القوم الذين توثبوا على الوليد بن يزيد، وكنت فيمن نهب خزائنهم بدمشق، فأخذت سفطا وقلت: فيه غنائي، فركبت فرسي وجعلته بين يدي، وخرجت من باب توما ففتحته، فإذا بحريرة فيها رأس مكتوب عليه: هذا رأس الحسين، فحفرت له بسيفي ودفنته.
وقال ابن جرير الطبري: حدثت عن أبي عبيدة أن يونس بن حبيب حدثه قال: لما قتل الحسين وبنو أبيه، بعث ابن زياد برؤوسهم إلى يزيد، فسر بقتلهم أولا، ثم ندم، فكان يقول: وما علي لو احتملت الأذى وأنزلت الحسين معي، وحكمته فيما يريد، وإن كان علي في ذلك وهن في سلطاني حفظا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ورعاية لحقه وقرابته، لعن الله ابن مرجانة - يريد عبيد الله - فإنه أخرجه واضطره، وقد كان سأل أن يخلي سبيله، ويرجع من حيث أقبل، أو يأتيني فيضع يده في يدي، أو يلحق بثغر من الثغور، فأبى ذلك ورده عليه، فأبغضني بقتله المسلمون.
وقال المدائني، عن إبراهيم بن محمد، عن عمرو بن دينار: حدثني محمد بن علي بن الحسين، عن أبيه قال: لما قتل الحسين دخلنا الكوفة، فلقينا رجل، فدخلنا منزله فألحفنا، فنمت، فلم أستيقظ إلا بحس الخيل في الأزقة، فحملنا إلى يزيد، فدمعت عينه حين رآنا، وأعطانا ما شئنا، وقال لي: إنه سيكون في قومك أمور، فلا تدخل معهم في شيء، فلما كان من أهل المدينة ما كان، كتب مع مسلم بن عقبة كتابا فيه أماني، فلما فرغ مسلم من الحرة بعث إلي، فجئته وقد كتبت وصيتي، فرمى إلي بالكتاب، فإذا فيه: استوص بعلي بن الحسين خيرا، وإن دخل معهم في أمرهم فأمنه واعف عنه، وإن لم يكن معهم فقد أصاب وأحسن.
وقال غير واحد: قتل مع الحسين ابن عمه مسلم بن عقيل بن أبي