للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

معاوي إن الشام شامك فاعتصم … بشامك لا تدخل عليك الأفاعيا

وحام عليها بالقنابل والقنا … ولا تك مخشوش الذراعين وانيا (١)

فإن عليا ناظر ما تجيبه … فأهد له حربا تشيب النواصيا

وحدثني (٢) يعلى بن عبيد: قال: حدثنا أبي، قال: قال أبو مسلم الخولاني وجماعة لمعاوية: أنت تنازع عليا! أم أنت مثله؟ فقال: لا والله إني لأعلم أن عليا أفضل مني وأحق بالأمر مني، ولكن ألستم تعلمون أن عثمان قتل مظلوما، وأنا ابن عمه، وإنما أطلب بدمه، فأتوا عليا فقولوا له، فليدفع إلي قتلة عثمان وأسلم له. فأتوا عليا فكلموه بذلك، فلم يدفعهم إليه.

وحدثني خلاد بن يزيد الجعفي، قال: حدثنا عمرو بن شمر، عن جابر الجعفي، عن الشعبي - أو أبي جعفر الباقر شك خلاد - قال: لما ظهر أمر معاوية دعا علي رجلا، وأمره أن يسير إلى دمشق، فيعقل راحلته على باب المسجد، ويدخل بهيئة السفر، ففعل الرجل، وكان قد وصاه بما يقول، فسألوه: من أين جئت؟ قال: من العراق، قالوا: ما وراءك؟ قال: تركت عليا قد حشد إليكم ونهد في أهل العراق. فبلغ معاوية، فأرسل أبا الأعور السلمي يحقق أمره، فأتاه فسأله، فأخبره بالأمر الذي شاع، فنودي: الصلاة جامعة. وامتلأ الناس في المسجد، فصعد معاوية المنبر وتشهد، ثم قال: إن عليا قد نهد إليكم في أهل العراق، فما الرأي؟ فضرب الناس بأذقانهم على صدورهم، ولم يرفع إليه أحد طرفه، فقام ذو الكلاع الحميري، فقال: عليك الرأي وعلينا أم فعال (٣) - يعني الفعال - فنزل معاوية ونودي في الناس: اخرجوا إلى معسكركم، ومن تخلف بعد ثلاث أحل بنفسه. فخرج رسول علي حتى وافاه، فأخبره بذلك،


(١) القنابل: جمع القَنْبَل والقَنْبَلة، وهم الطائفة من الناس والخيل، ومخشوش - بالخاء والشين المعجمتين -، أي: ولا تَكُ مقيد اليدين، من قولهم خش البعير، إذا جُعل في أنفه الخشاش، وهو عود من خشب يجعل في أنف البعير يشد به الزمام.
(٢) القائل هو يحيى الجعفي، ويعلى بن عبيد شيخه.
(٣) أهل حمير يجعلون لام التعريف ميمًا.