للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المظاهر الجلالية

كذلك أوصافً الجلالِ مظاهرٌ … أشاهدُه فيها بغير تردُّدِ

ففي صَوْلة القاضي الجليلِ وسمْتهِ … وَفِي سطوة السّلطان عند التمرُّدِ

وَفِي حدَّة الغضبان حالةَ طيِشه … وَفِي نَخْوة القرْم المَهيبِ المسوَّدِ

وَفِي سَوْرة الصَّهباء جار مديُرها … وَفِي يبس أخلَاق النّديم المعربد

وعند اصطدام الخيل في كل مأزق … تعثر فيه بالوشيج المقصد

وفي شدَّةِ اللَّيْث الهصور وبأسهِ … وشدّة عَيشٍ بالسقام منكد

وفي روعة البين المشت وموقف الـ … ـوداع لحرّان الجوانح مكمدِ

وَفِي فرقة الُألّافِ بعد اجتماعهم … وَفِي كلّ تشتيت وشُمْلٍ مبدّدِ

وَفِي كلّ دارٍ أقفرتْ بعد أُنْسها … وَفِي طَلَلٍ بالٍ ودارسِ معهدِ

وَفِي هَولِ أمواجِ البِحار ووحشة الـ … ـقفار وسيلٍ بالمذانب مُزبدِ

وعند خشوعي للصّلاة لعزَّة الـ … ـمناجي وَفِي الإطْراق عند التَّشَهُّدِ

وحالة إهلال الحجيج بحجهم … وإعمالهم للعيس في كل فدفد

ويبدو بأوصافِ الكمالِ فلا أرى … برؤيته شيئًا قبيحًا ولا ردي (١)

فكلّ مسيء بي إليَّ كمحسن … وكل مضل لي لديَّ كمرشدِ

ولا فرق عندي بين أُنْسٍ ووحشةٍ … ونورٍ وإظلامٍ ومُدْنٍ ومُبْعدِ

وسيّانَ إفطاري وصَوْمي وفترتي … وجهدي ونومي وادعًا وتهجُّدي

أُرى تارةً فِي حانة الخمر خالعًا … عذاري وطَورًا في خبية مَعْبدِ

وهي مائة بيت (٢)، اخترتُ منها هَذَا.

وله:

جهد المحبّة لوعةٌ وغرام … وصبابةُ وكآبة وسقامُ

ومدامع مسفوحة وأضالع … مقروحة وتولُّه وغرامُ

وتذكّرٌ إنْ لاح برقٌ بالغضا … أو ناح فِي عذْب الغصون حمامُ

وبكا على الأطلال غيّرها البلى … ورَمَت نضارةَ رسمها الأعوام


(١) كتب المصنف في حاشية نسخته التعليق الآتي: "يعني: ينظر إلى كل قبيح في الكون بعين أنَّ الله أراده، ونحن ننظرُ إليه بعين المقت والتقبيح، لأنه أمرنا بذلك، وأراد منا مقت القبيح، فلا محيد لنا عن قدره ولا عن بغض الكفرة والحيات وإبليس".
(٢) أوردها اليونيني في ذيل مرآة الزمان ٣/ ٤١٧ - ٤٢٢.