في خمسة آلاف. وأقبل من حوارين عباد بن زياد في ألفين من مواليه، وكان بدمشق يزيد بن أبي النمس، فأخرج عامل الضحاك منها، وأمد مروان بسلاح ورجال، فقدم إلى الضحاك زفر بن الحارث الكلابي من قنسرين، وأمده النعمان بن بشير بشرحبيل بن ذي الكلاع في أهل حمص، فصار الضحاك في ثلاثين ألفا، ومروان في ثلاثة عشر ألفا أكثرهم رجاله.
ولم يكن في عسكر مروان غير ثمانين عتيقا نصفها لعباد بن زياد، فأقاموا بالمرج عشرين يوما يلتقون في كل يوم. وعلى ميمنة مروان عبيد الله بن زياد، وعلى ميسرته عمرو بن سعيد الأشدق، فقال عبيد الله لمروان: إنا لا ننال من الضحاك إلا بمكيدة، فادع إلى الموادعة، فإذا أمنوا فكر عليهم. فراسله مروان، فأمسك الضحاك والقيسية عن القتال، وهم يطمعون أن مروان يبايع لابن الزبير. فأعد مروان أصحابه وشد على الضحاك، ففزع قومه إلى راياتهم، ونادى الناس: يا أبا أنيس، أعجزا بعد كيس؟ فقال الضحاك: نعم، أنا أبو أنيس، عجز لعمري بعد كيس! والتحم الحرب، وصبر الضحاك.
فترجل مروان وقال: قبح الله من يوليهم اليوم ظهره حتى يكون الأمر لإحدى الطائفتين، فقتل الضحاك، وصبرت قيس على راياتها يقاتلون عندها. فاعترضها رجل بسيفه، فكان إذا سقطت الراية تفرق أهلها، ثم انهزموا، فنادى منادي مروان: لا تتبعوا موليا.
قال الواقدي: قتلت قيس بمرج راهط مقتلة لم يقتل منها قط، وذلك في نصف ذي الحجة سنة أربع وستين.
وقال المدائني عن خالد بن يزيد بن بشر الكلبي قال: حدثني من شهد مقتل الضحاك قال: مر بنا زحمة بن عبد الله الكلبي، لا يطعن أحدا إلا صرعه، إذ حمل على رجل فطعنه فصرعه، فأتيته فإذا هو الضحاك، فاحتززت رأسه فأتيت به مروان، فكره قتله، وقال: الآن حين كبرت سني