" فبي يسمع وبي يبصر "، وما فِي الحديث أنّ الباري تعالى يكون عين الجوارح، تعالى اللَّه عَنْ ذَلِكَ.
قلت: لم أجد هذه اللّفظة " فبي يسمع وبي يبصر "، وكان فقيرا ولم يخلف شيئا من الدنيا بتة، ولا كان يملك طاسة، وفرغت نفقته ليلة موته، ومن شعره وكتب به إلى شرف الدين الرقي المجاور:
أوفدَ الله أعطاكم قبولا … وكان لكم حفيظًا أجمعينا
إنِ الرَّحْمَن أذكَرَكم بأمري … هناك فقبّلوا عنّي اليمينا
فإني أرتجي منه حناناً … لأنّ إلَيْهِ فِي قلبي حنينا
وأرجو لَثْم أيدٍ بايعته … إذا عدتم بخيرٍ آمنينا
ومن شعره:
أتريد لثم يمينه فِي بيته … من غير ما نَصَب وجهد يُرتضى
هيهات إلّا أنْ تخوض بعزمةٍ … موج الجبال إلَيْهِ فِي بحر الفضا
أتنال فرض زيارةٍ لرسوله … خير الأنام ولم تذُق مُرّ القضا
لم أنس هزًّا للركاب بحيث لا … ظلّ فيمنع هيكلي أن يرمضا
وتكاد نفسي أنْ تفيض مشقّة … لو لم أثبت عندها فأفوّضا
وكأنما كسر الفقار مفقَرٌ … إذا لم يكد أحد بِهِ أن ينهضا
وكذا الأخَيْضر ذاق أصحابي به … عند الورود هناك موتًا أبيضا
فسقاهم ربّي حلاوة رحمةٍ … مُزِجت ببرد العفو فِي كوب الرضا
وله:
وزهر شموع إن مَدَدت بَنَانَها … لمحو سطور الليل نابت عَنِ البدرِ
ففيهنّ كافوريّة خِلت أنّها … عمود صباحٍ فوقه كوكب الفجرِ
وصفراء تحكي شاحبًا شاب رأسه … فأدمعه تجري عَلَى ضيعة العمرِ
وخضراء يبدو وقدُها فوق قدّها … كنرجسةٍ تُزهى عَلَى الغصن النضرِ
ولا غرو إن يحكي للأزاهير حُسنها … أليس جناها النحلُ قِدماً من الزَّهر؟
= مرفوعًا.