للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لك الرّاية الصَّفراءُ يقدمُها النَّصرُ … فمن كيقُباذُ إنْ رآها وكيْخُسْرُو

إذا خَفَقَتْ فِي الأفْق هُدْبُ بُنُودِها … هَوى الشِّرْكُ واستعلى الهُدى وانْجلى الثغرُ

وإنْ نُشرت مثل الأصائِل فِي وغًى … جلا النَّقْع من لألاء طَلْعتها البدرُ

وإنْ يممّت زُرْقَ العدى سار تحتها … كتائبُ خضرٌ دَوحها البِيض والسُّمرُ

كأنّ مثار النَّقْع ليلٌ وخَفْقها … بُرُوقٌ وأنت البدرُ والفَلَك الجِتْرُ

فكم وَطئت طَوْعًا وكرْهًا معاقلًا … مضى الدّهر عَنْهَا وهي عانسة بِكْرُ

وإنْ رُمتَ حصنًا سابَقَتْكَ كتائبُ … من الرُّعب أو جيش تقدّمه النَّصرُ

فلا حصنٌ إلا وهو سجنٌ لأهله … ولا جسدٌ إلا لأرواحهم قبرُ

قصدت حِمى من قلعة الروم لم يُبح … لغيرك إذ غرّتهم المُغْلُ فاغترّوا

وما المُغْل أكفاء فكيف بأرمنٍ … ولكنّه غزوٌ وكلّهُمُ كُفرُ

صرفت إليهم همة لَوْ صرفتها … إلى البحر لاستولى على مده الجزر

وما قلعة الروم الّتي حُزْتَ فَتْحها … وإنْ عظُمت إلا إلى غيرها جسرُ

طليعة ما يأتي من الفتح بعدها … كَمَا لاح قبل الشمس فِي الأُفق الفجرُ

محجَّبَة بين الجبال كأنّها … إذا ما تبدّت فِي ضمائرها سر

تفاوت نصفاها فللحوت فيهما … مجالٌ وللنَّسْرَيْن بينهما وَكْرُ

فبعضٌ رسا حتى علا الماءُ فوقَهُ … وبعضٌ سما حَتَّى هَمَا دونَه القَطْرُ

أحاط بها نَهران تبرز فيهما … كَمَا لاح يَوْمًا فِي قلائده النَّحْرُ

فبعضهما العذْبُ الفُراتُ وإنّه … لتحصينها كالبحر بل دونه البحرُ

سريع يفوت الطّرْف جريًا وحدْه … كريح سُلَيْمَان التي يومُها شهرُ

منها:

فصبَّحْتَها بالجيش كالرّوض بهجةً … صوارمُه أنّهاره والقنا الزُّهرُ

وأبعدت بل كالبحر والبيض موجُه … وجردُ المذاكي السّفن والخوذ الدّرُّ

وأغربت بل كاللّيل عُوجٌ سيوفه … أهِلَّتُهُ والنّبلُ أنجُمُهُ الزّهرُ

وأخطأت لا بل كالنّهار فشمسُهُ … مُحيّاك والآصال راياتك الصُّفُر

ليوثٌ من الأتراك آجامُها القنا … لها كلّ يوم فِي ذرى ظَفَرٍ ظُفرُ

فلا الريح تسري بينهم لاشتباكها … عليهمُ ولا ينهلّ من فوقهم قَطْرُ