قال شمس الدين الجزري في تاريخه (١): حدثني الأمير سيف الدين أبو بكر ابن المحفدار قال: كان السلطان، ﵀، قد نفذني بكرة إلى بيدرا بأن يتقدم بالعسكر، فلما قلت ذلك نفر في وقال: السمع والطاعة، كم يستعجلني، ثم إني حملت الزردخاناه والثقل الذي لي وركبت، فبينما أنا ورفيقي الأمير صارم الدين الفخري وركن الدين أمير جندار عند الغروب سائرين وإذا بنجاب، فقلنا: أين تركت السلطان؟ فقال: يطول الله أعماركم فيه، فبهتنا وإذا بالعصائب قد لاحت، ثم أقبل الأمراء وفي الدست بيدرا، فجئنا وسلمنا، ثم سايره أمير جندار فقال: يا خوند، هذا الذي تم كان بمشورة الأمراء؟ قال: نعم، أنا قتلته بمشورتهم وحضورهم وها هم حضور، وكان من جملتهم حسام الدين لاجين وبهادر رأس النوبة وشمس الدين قراسنقر وبدر الدين بيسري، ثم شرع بيدرا يعدد ذنوبه وهناته وإهماله لأمور المسلمين واستهتاره بالأمراء وتوزيره لابن السلعوس، ثم قال: رأيتم الأمير زين الدين كتبغا؟، قلنا: لا فقال له أمير: يا خوند كان عنده علم من هذه القضية؟ قال: نعم، هو أول من أشار بها، فلما كان من الغد جاء كتبغا في طلب نحو ألفين من الخاصكية وغيرهم والحسام أستاذ الدار، ثم قوس كتبغا وقصد بيدرا وقال: يا بيدرا أين السلطان؟ ثم رماه بالنشاب ورموا كلهم بالنشاب فقتلوه وتفرق جمعه وسيروا رأسه إلى القاهرة، فلما رأينا ذلك التجأنا إلى جبل واختلطنا بالطلب الذي جاء، فعرفنا بعض أصحابنا فقال لنا: شدوا بالعجلة مناديلكم في رقابكم إلى تحت الإبط، يعني شعارهم.
قال ابن المحفدار: وسألت شهاب الدين ابن الأشل: كيف كان قتل السلطان؟ قال: جاء إليه بعد رحيل الدهليز الخبر أن بتروجة طير كثير، فقال لي: امش بنا حتى نسبق الخاصكية، فركبنا وسرنا، فرأينا طيرًا كثيرًا، فرمى بالبندق وصرع كثيرًا، ثم قال: أنا جيعان، فهل معك شيء تطعمني؟ فقلت: ما معي سوى فروجة ورغيف في سولقي، قال: هاته فناولته فأكله ثم قال: امسك فرسي حتى أبول، قال: فقلت: ما فيها حيلة أنت راكب حصان وأنا