وفيها كان سيل الجحاف، وهو سيل عظيم جاء بمكة حتى بلغ الحجر الأسود، فهلك خلق كثير من الحجاج.
قال مصعب الزبيري: سمعت محمد بن نافع الخزاعي، قال: كان من قصة الجحاف أن أهل مكة قحطوا، ثم طلع في يوم قطعة غيم، فجعل الجحاف يضرط به، ويقول: إن جاءنا شيء فمن هذا، فما برح من مكانه حتى جاء سيل فحمل الجمال وغرق الجحاف.
وفيها غزا البحر من الإسكندرية عبد الواحد بن أبي الكنود حتى بلغ قبرس.
وفيها هلك أليون الملك عظيم الروم لا رحمه الله.
وفيها سار يزيد بن أبي كبشة، فالتقى هو والريان النكري بالبحرين، ومع الريان امرأة من الأزد تقاتل، اسمها جيداء، فقتل هو وهي وعامة أصحابهما، وصلب هو.
وفيها أول فتنة ابن الأشعث: وذلك أن الحجاج كان شديد البغض لعبد الرحمن بن محمد بن الأشعث الكندي، يقول: ما رأيته قط إلا أردت قتله.
ثم إنه أبعده عنه وأمره على سجستان في هذا العام بعد موت عبيد الله بن أبي بكرة، فسار إليها ففتح فتوحا، وسار ينهب بلاد رتبيل ويأسر ويخرب، ثم بعث إليه الحجاج مع هذا كتبا يأمره بالوغول في تلك البلاد ويضعف همته ويعجزه، فغضب ابن الأشعث وخطب الناس، وكان معه رؤوس أهل العراق، فقال: إن أميركم كتب إلي يأمرني بتعجيل الوغول بكم في أرض العدو، وهي البلاد التي هلك فيها إخوانكم بالأمس، وإنما أنا رجل منكم، أمضي إذا مضيتم وآبى إذا أبيتم، فثار إليه الناس فقالوا: لا، بل نأبى على عدو الله ولا نسمع له ولا نطيع.
وقال عامر بن واثلة الكناني: إن الحجاج ما يرى بكم إلا ما رأى القائل الأول: احمل عبدك على الفرس، فإن هلك هلك، وإن نجا فلك، إن الحجاج ما يبالي، إن ظفرتم أكل البلاد وحاز المال، وإن ظفر عدوكم كنتم أنتم الأعداء البغضاء، اخلعوا عدو الله الحجاج وبايعوا عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث، فنادوا: فعلنا فعلنا، ثم أقبلوا كالسيل المنحدر، وانضم