للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد تمكن الذهبي أن يعالج هذا الأمر في عنايته الدائمة بذكر موارد مصادره بحيث يصل بالخبر في معظم الأحيان إلى من عاصره فطول بذلك النطاق الزماني لنقله عن مصدر ما، ولذلك وجدنا الذهبي يعنى بنقل الإسناد الذي ذكره صاحب الكتاب الذي ينقل منه، ويبدو هذا الأمر على غاية من الوضوح في القسم الأول من تاريخه، فالبرغم من اعتماده أوثق المصادر ومنها مثلًا الكتب الستة، فإنه لم يكتف بالقول مثلًا "أورده البخاري" أو "أخرجه البخاري" بل كان يعنى بذكر سند البخاري. وقد طبق هذه الطريقة حتى في الكتب المتأخرة، فحينما نقل الذهبي تراجم عن الخطيب مما لم يعاصره الخطيب فإنه عني بذكر إسناد الخطيب إلى صاحب الخبر نحو قوله: "قال الخطيب: قال لنا التنوخي: أرانا ابن كيسان بخط أبيه .. " (١)، و"قال الخطيب: سألت البرقاني عنه" (٢)، و"قال الخطيب: حدثنا أحمد بن عمر، حدثنا أبو بكر الوراق، قال: دققت على ابن صاعد بابه فقال" (٣) ونحو ذلك (٤). ومن مثل قوله في ترجمة عبد الواحد بن علي بن برهان العكبري النحوي المتوفى سنة ٤٥٦ هـ: "قال ياقوت الحموي في تاريخ الأدباء: نقلت من خط عبد الرحيم بن وهبان، قال نقلت من خط أبي بكر محمد بن منصور السمعاني، قال: سمعت المبارك بن عبد الجبار الصيرفي يقول: سمعت أبا القاسم بن برهان يقول: دخلت على الشريف المرتضى في مرضه … " (٥).

على أن ذلك تعذر عليه في بعض الموارد التي لم تُغنَ بذكر الإسناد فلم يكن منه إلا إهمالها، أو الاعتماد عليها عند الحاجة القصوى مبينًا تبعة صحة الخبر على صاحبه الذي أورده.


(١) الورقة ١٠٦ (أيا صوفيا ٣٠٠٨).
(٢) الورقة ١٢٣ من النسخة السابقة.
(٣) الورقة ١٤٤ من النسخة السابقة.
(٤) انظر أمثلة أخرى في الورقة ١٨٦، ١٩٨، ٢٥٠ من النسخة السابقة، والورقة ٢٠، ٦٦، ٦٩ .. إلخ (أيا صوفيا ٣٠٠٩).
(٥) ١٠/ ٧٣ من طبعتنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>