ليلتي كأن السماء فرجت لي فدخلتها، فقد والله مللت الحياة وما فيها، ولقد قرأ في الصبح يومئذ متمكنا {ن وَالْقَلَمِ} حرفا حرفا، وإن سيفه لمسلول إلى جنبه، وإنه ليتم الركوع والسجود كهيئته قبل ذلك.
وقال الواقدي: حدثني عبد الله بن نافع، عن أبيه، قال: سمع ابن عمر التكبير فيما بين المسجد إلى الحجون حين قتل ابن الزبير، فقال ابن عمر: لمن كان كبر حين ولد ابن الزبير أكثر وخير ممن كبر على قتله.
وقال عبد الرزاق: أخبرنا معمر، عن أيوب، عن ابن سيرين، قال: قال ابن الزبير: ما شيء كان يحدثنا به كعب إلا قد أتى على ما قال، إلا قوله: فتى ثقيف يقتلني، وهذا رأسه بين يدي، يعني المختار.
وقال عبد الوهاب بن عطاء، عن زياد بن أبي زياد الجصاص، عن علي بن زيد، عن مجاهد، أن ابن عمر قال لغلامه: لا تمر بي على ابن الزبير، يعني وهو مصلوب. قال: فغفل الغلام فمر به، فرفع رأسه، فرآه، فقال: رحمك الله، ما علمتك إلا صواما قواما وصولا للرحم، أما والله إني لأرجو مع مساوئ ما قد عملت من الذنوب أن لا يعذبك الله. قال: ثم التفت إلي فقال: حدثني أبو بكر الصديق: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: من يعمل سوءا يجز به في الدنيا.
وقال ابن أبي الدنيا في كتاب الخلفاء: وصلب ابن الزبير منكسا، وكان آدم نحيفا، ليس بالطويل، بين عينيه أثر السجود، يكنى: أبا بكر، وأبا خبيب، وبعث عماله على الحجاز والمشرق كله.
وقال ابن المبارك، عن جويرية بن أسماء، عن جدته: إن أسماء بنت أبي بكر غسلت ابن الزبير بعد ما تقطعت أوصاله، وجاء الإذن من عبد الملك بن مروان عندما أبى الحجاج أن يأذن لها، وحنطته وكفنته وصلت عليه، وجعلت فيه شيئا حين رأته يتفسخ إذا مسته.