ابن الأشعث، وفيهم أبو البختري، وكان شعارهم يومئذ يا ثارات الصلاة.
وقيل: إن سفيان بن الأبرد حمل على ميسرة ابن الأشعث، فلما دنا منها هرب الأبرد بن قرة التميمي، ولم يقاتل كبير قتال، فأنكرها منه الناس، وكان شجاعا لا يفر، وظن الناس أنه خامر، فلما انهزم تقوضت الصفوف، وركب الناس وجوههم.
وكان ابن الأشعث على منبرٍ قد نصب له يحرض على القتال، فأشار عليه ذوو الرأي: انزل وإلا أسرت، فنزل وركب، وخلى أهل العراق، وذهب، فانهزم أهل العراق كلهم، ومضى ابن الأشعث مع ابن جعدة بن هبيرة في أناسٍ من أهل بيته، حتى إذا حاذوا قرية بني جعدة عبر في معبر الفرات، ثم جاء إلى بيته بالكوفة، وهو على فرسه، وعليه السلاح لم ينزل، فخرجت إليه بنته، فالتزمها، وخرج أهله يبكون، فوصاهم وقال: لا تبكوا، أرأيتم إن لم أترككم، كم عسيت أن أعيش معكم، وإن أمت فإن الذي يرزقكم حي لا يموت، وودعهم وذهب.
وقال الحجاج: اتركوهم فليتبددوا، ولا تتبعوهم، ونادى مناديه: من رجع فهو آمن، ثم جاء إلى الكوفة فدخلها، وجعل لا يبايع أحدا منها إلا قال له: اشهد على نفسك أنك كفرت، فإذا قال: نعم، بايعه، وإلا قتله، فقتل غير واحد ممن تحرج أن يشهد على نفسه بالكفر. وجيء برجل فقال الحجاج: ما أظن هذا يشهد على نفسه بالكفر، فقال الرجل: أخادعي عن نفسي، أنا أكفر أهل الأرض، وأكفر من فرعون ذي الأوتاد، فضحك وخلاه.
وأما محمد بن سعد بن أبي وقاص فنزل بعد الوقعة بالمدائن، فتجمع إليه ناس كثير، وخرج عبيد الله بن عبد الرحمن بن سمرة العبشمي، فأتى البصرة وبها ابن عم الحجاج أيوب بن الحكم، فأخذ البصرة، وقدم عليه عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث، وجاء إليه الخلق، وقال ابن سمرة له: إنما أخذت البصرة لك، ولحق محمد بن سعد بهم، فسار الحجاج لحربهم، وخرج الناس معه إلى مسكن على دجيل.
وتلاوم أصحاب ابن الأشعث على الفرار، وتبايعوا على الموت، فخندق ابن الأشعث على أصحابه، وسلط الماء في الخندق، وأتته النجدة