للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال عاصم: ما رأيت أبا وائل ملتفتا في صلاةٍ ولا غيرها، ولا سمعته سب دابة، إلا أنه ذكر الحجاج يوما، فقال: اللهم أطعمه من ضريعٍ لا يسمن ولا يغني من جوع، ثم تداركها فقال: إن كان ذلك أحب إليك. ولا رأيته قائلا لأحدٍ: كيف أصبحت، ولا كيف أمسيت.

وقال عاصم: قلت لأبي وائل: شهدت صفين؟ قال: نعم، وبئست الصفون كانت، فقيل له: أيهما أحب إليك، علي أو عثمان؟ قال: علي، ثم صار عثمان أحب إلي من علي.

وقال الأعمش: قال لي أبو وائل: إن أمراءنا هؤلاء ليس عندهم تقوى أهل الإسلام، ولا أحلام أهل الجاهلية.

وقال ابن عيينة: حدثنا عامر بن شقيق، سمع أبا وائل يقول: استعملني ابن زياد على بيت المال، فأتاني رجل بصك: أعط صاحب المطبخ ثمان مائة درهم، فقلت له: مكانك، فدخلت على ابن زياد فقلت: إن عمر استعمل ابن مسعود على القضاء وعلى بيت المال، وعثمان بن حنيف على ما سقى الفرات، وعمار بن ياسر على الصلاة والجند، ورزقهم كل يومٍ شاة، فجعل نصفها وسقطها لعمار، لأنه على الصلاة والجند، وجعل لعبد الله ربعها، ولعثمان ربعها، ثم قال: إن مالا يؤكل منه كل يوم شاة لسريع الفناء. فقال ابن زياد: ضع المفاتيح واذهب حيث شئت.

وقال عاصم، عن أبي وائل قال: بعث إلي الحجاج، فأتيته، فقال: ما اسمك؟ قلت: ما بعث إلي الأمير إلا وقد عرف اسمي. قال: متى نزلت هذا البلد؟ قلت: ليالي نزله أهله، قال: إني مستعملك على السلسلة، قلت: إن السلسلة لا تصلح إلا برجالٍ يعملون عليها، وأما أنا فرجل ضعيف أخرق، أخاف بطانة السوء، فإن يعفني الأمير فهو أحب إلي، وإن يقحمني أقتحم، إني والله لأتعار من الليل، فأذكر الأمير، فلا أنام حتى أصبح، ولست له على عمل، والله ما رأيت الناس هابوا أميرا قط هيبتهم لك، فأطرق ساعة، ثم قال: أما قولك: ما رأيت الناس هابوا أميرا قط هيبتك، فإني والله ما أعلم رجلا أجرأ على دم مني، وأما قولك: إن يعفني الأمير، فإن وجدنا غيرك أعفيناك، ثم قال: انصرف، قال: فمضيت فغفلت على الباب كأني لا أبصر، فقال: أرشدوا الشيخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>