للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مائة، عليهم عطية بن سعد العوفي، فأسرعوا حتى دخلوا مكة، فكبروا تكبيرة سمعها ابن الزبير، فانطلق هاربا، وتعلق بأستار الكعبة، وقال: أنا عائذ الله.

قال عطية: ثم ملنا إلى ابن عباس، وابن الحنفية، وأصحابهما في دور وقد جمع لهم الحطب، فأحيط بهم الحطب حتى بلغ رؤوس الجدر، لو أن نارا تقع فيه ما رئي منهم أحد، فأخرناه عن الأبواب، فأقبل أصحاب ابن الزبير، فكنا صفين نحن وهم في المسجد نهارنا، لا ننصرف إلا إلى الصلاة حتى أصبحنا، وقدم أبو عبد الله الجدلي في الجيش، فقلنا لابن عباس وابن الحنفية: ذرونا نرح الناس من ابن الزبير، فقالا: هذا بلد حرمه الله ما أحله لأحد إلا للنبي صلى الله عليه وسلم ساعة، فامنعونا وأجيرونا، قال: فتحملوا وإن مناديا لينادي في الجبل: ما غنمت سرية بعد نبيها ما غنمت هذه السرية، إن السرية إنما تغنم الذهب والفضة، وإنما غنمتم دماءنا، فخرجوا بهم حتى أنزلوهم منى، ثم انتقلوا إلى الطائف وأقاموا.

وتوفي ابن عباس، فصلى عليه ابن الحنفية، وبقينا مع ابن الحنفية، فلما كان الحج وحج ابن الزبير وافى ابن الحنفية في أصحابه إلى عرفة، فوقف وأوفى نجدة بن عامر الحنفي الحروري في أصحابه، فوقف ناحية، وحجت بنو أمية على لواء، فوقفوا بعرفة.

وعن محمد بن جبير أن ابن الزبير أقام الحج تلك السنة، وحج ابن الحنفية في الخشبية، وهم أربعة آلاف، نزلوا في الشعب الأيسر من منى، ثم ذكر أنه سعى في الهدنة والكف، حتى حجت كل طائفة من الطوائف الأربع، قال: ووقفت تلك العشية إلى جنب ابن الحنفية، فلما غابت الشمس التفت إلي فقال: يا أبا سعيد ادفع، ودفعت معه، فكان أول من دفع.

وقال الواقدي: حدثني جعفر بن محمد بن خالد بن الزبير، عن عثمان بن عروة، عن أبيه (ح).

وحدثنا إسحاق بن يحيى بن طلحة، وغيره، قالوا: كان المختار لما قدم الكوفة أشد شيء على ابن الزبير، وجعل يلقي إلى الناس أن ابن الزبير كان يطلب هذا الأمر لأبي القاسم - يعني ابن الحنفية - ثم ظلمه إياه، وجعل يذكر ابن الحنفية وحاله وورعه، وأنه يدعو له، وأنه بعثه، وأنه كتب له كتابا، وكان يقرأه على من يثق به ويبايعونه سرا، فشك قوم وقالوا: أعطينا هذا الرجل عهودنا أن زعم أنه رسول محمد

<<  <  ج: ص:  >  >>