قال ابن عباس، وقد أتاه أهل الكوفة يسألونه، فقال: أليس فيكم سعيد بن جبير؟
وعن أشعث بن إسحاق قال: كان يقال لسعيد بن جبير: جهبذ العلماء.
وقال إبراهيم النخعي: ما خلف سعيد بن جبير بعده مثله.
وروي أنه كان أسود اللون. خرج مع ابن الأشعث على الحجاج، ثم إنه اختفى وتنقل في النواحي اثنتي عشرة سنة، ثم وقعوا به، فأحضروه إلى الحجاج، فقال: يا شقي بن كسير، يعني ما أنت سعيد بن جبير، أما قدمت الكوفة وليس يؤم بها إلا عربي فجعلتك إماما؟ قال: بلى. قال: أما وليتك القضاء فضج أهل الكوفة وقالوا: لا يصلح للقضاء إلا عربي، فاستقضيت أبا بردة بن أبي موسى وأمرته أن لا يقطع أمرا دونك؟! قال: بلى. قال: أما جعلتك في سماري، وكلهم رؤوس العرب؟! قال: بلى. قال: أما أعطيتك مائة ألف تفرقها على أهل الحاجة؟! قال: بلى. قال: فما أخرجك علي؟! قال: بيعة كانت في عنقي لابن الأشعث. فغضب الحجاج وقال: أما كانت بيعة أمير المؤمنين في عنقك من قبل! يا حرسي، اضرب عنقه. فضرب عنقه، رحمه الله، وذلك في شعبان سنة خمس وتسعين بواسط، وقبره ظاهر يزار.
وقال معتمر بن سليمان، عن أبيه، قال: كان الشعبي يرى التقية، وكان سعيد بن جبير لا يرى التقية، وكان الحجاج إذا أتي بالرجل قال له: أكفرت إذ خرجت علي؟ فإن قال: نعم، تركه، وإن قال: لا، قتله، فأتي بسعيد بن جبير، فقال له: أكفرت إذ خرجت علي؟ قال: ما كفرت منذ آمنت. قال: اختر أي قتلة أقتلك؟ فقال: اختر أنت؛ فإن القصاص أمامك.
وقال ربيعة الرأي: كان سعيد بن جبير من العباد العلماء، فقتله الحجاج، وجده في الكعبة وناسا فيهم طلق بن حبيب، فساروا بهم إلى العراق، فقتلهم من غير شيء تعلق به عليهم إلا بالعبادة، فلما قتل سعيدا خرج منه دم كثير، حتى راع الحجاج، فدعا طبيبا، فقال: ما بال دمه كثيرا؟! قال: قتلته ونفسه معه.