ثياب خضر، ثم نظر في المرآة فأعجبه شبابه وجماله، فقال: كان محمد صلى الله عليه وسلم نبيا، وكان أبو بكر صديقا، وكان عمر فاروقا، وكان عثمان حييا، وكان معاوية حليما، وكان يزيد صبورا، وكان عبد الملك سائسا، وكان الوليد جبارا، وأنا الملك الشاب. فما دار عليه الشهر حتى مات.
وروى محمد بن سعيد الدارمي، عن أبيه، قال: كان سليمان بن عبد الملك ينظر في المرآة من فرقه إلى قدمه ويقول: أنا الملك الشاب، فلما نزل بمرج دابق حُم وفشت الحمى في عسكره، فنادى بعض خدمه فجاءت بطست، فقال لها: ما شأنك؟ قالت: محمومة. قال: فأين فلانة؟ قالت: محمومة. فما ذكر أحدا إلا قالت: محمومة. فالتفت إلى خاله الوليد بن القعقاع العبسي وقال:
قرب وضوءك يا وليد فإنما هذي الحياة تعلة ومتاع فقال الوليد:
فاعمل لنفسك في حياتك صالحا فالدهر فيه فرقة وجماع ومات في مرضه.
وعن الفضل بن المهلب قال: عرضت لسليمان سعلة وهو يخطب، فنزل وهو محموم، فما جاءت الجمعة الأخرى حتى دفن.
وقال الوليد بن مسلم، عن عبد الرحمن بن حسان الكناني، قال: لما مرض سليمان بدابق قال لرجاء بن حيوة: من لهذا الأمر بعدي، أستخلف ابني؟ قال: ابنك غائب، قال: فابني الآخر، قال: صغير، قال: فمن ترى؟ قال: أرى أن تستخلف عمر بن عبد العزيز، قال: أتخوف إخوتي لا يرضون. قال: فول عمر، ومن بعده يزيد بن عبد الملك، وتكتب كتابا وتختم عليه، وادعوهم إلى بيعته مختوما. قال: لقد رأيت؛ ائتني بقرطاس، فدعا بقرطاس فكتب فيه العهد، ودفعه إلى رجاء وقال: اخرج إلى الناس فليبايعوا على ما فيه مختوما، فخرج فقال: إن أمير المؤمنين يأمركم أن تبايعوا لمن في هذا الكتاب، قالوا: ومن فيه؟ قال: هو مختوم، لا تخبرون بمن فيه حتى يموت. قالوا: لا نبايع. فرجع إليه فأخبره، فقال: انطلق إلى صاحب الشرطة والحرس، فاجمع الناس ومرهم بالبيعة، فمن أبى فاضرب عنقه. ففعل، قال: فبايعوه على ما فيه. قال رجاء بن حيوة: فبينا أنا راجع