ثقله قد سار، وراحلة بالباب عليها متاعها، وسيف معلق، فخرج عبد الله، فأنشأ الأعرابي يقول:
أبو جعفر من أهل بيت نبوة … صلاتهم للمسلمين طهور
أبا جعفر ضن الأمير بماله … وأنت على ما في يديك أمير
أبا جعفر يا ابن الشهيد الذي له … جناحان في أعلى الجنان يطير
أبا جعفر ما مثلك اليوم أرتجي … فلا تتركني بالفلاة أدور
فقال: يا أعرابي سار الثقل، فعليك الراحلة بما عليها، وإياك أن تخدع عن السيف، فإني أخذته بألف دينار.
قال عفان: حدثنا حماد بن زيد، قال: أخبرنا هشام، عن محمد، قال: مر عثمان بسبخة، فقال: لمن هذه؟ قيل: لفلان، اشتراها عبد الله بن جعفر بستين ألفا. قال: ما يسرني أنها لي بنعلي. قال: فجزأها عبد الله ثمانية أجزاء، وألقى فيها العمال، ثم قال عثمان لعلي: ألا تأخذ على يدي ابن أخيك وتحجر عليه! اشترى سبخة بستين ألفا، ما يسرني أنها لي بنعلي! قال: فأقبلت، فركب عثمان ذات يوم فمر بها، فأعجبته، فأرسل إلى عبد الله أن ولني جزءين منها، قال: أما والله دون أن ترسل إلى الذين سفهتني عندهم فيطلبون ذلك إلي، فلا أفعل، ثم أرسل إليه: إني قد فعلت، قال: والله لا أنقصك جزءين من مائة وعشرين ألفا، قال: قد أخذتها.
وروى الأصمعي، عن رجل، أن عبد الله بن جعفر أسلف الزبير ألف ألف، فلما توفي قال ابن الزبير لعبد الله بن جعفر: إني وجدت في كتب أبي أن له عليك ألف ألف درهم، قال: هو صادق، فاقبضها إذا شئت، ثم لقيه بعد فقال: إنما وهمت عليك، المال لك عليه، قال: فهو له، قال: لا أريد ذلك.
قلت: هذه الحكاية من أبلغ ما بلغنا في الجود.
وعن الأصمعي، قال: جاءت امرأة إلى عبد الله بن جعفر بدجاجة مسموطة، فقالت: بأبي أنت! هذه الدجاجة كانت مثل بنتي تؤنسني وآكل من