للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال بشار بن برد: أجمع أهل الشام على جرير والفرزدق، والأخطل دونهما، وممن فضل جريرا على الفرزدق: ابن هرمة، وعبيدة بن هلال.

قال يونس بن حبيب: قال الفرزدق لامرأته النوار: أنا أشعر أم ابن المراغة (١)؟ قالت: غلبك على حلوه وشركك في مره.

وقال محمد بن سلام (٢): ذاكرت مروان بن أبي حفصة، فقال:

ذهب الفرزدق بالفخار وإنما … حلو القريض ومره لجرير

هشام ابن الكلبي، عن أبيه، أن أعرابيا مدح عبد الملك بن مروان فأحسن، فقال له عبد الملك: تعرف أهجى بيت في الإسلام؟ قال: نعم، قول جرير:

فغض الطرف إنك من نمير … فلا كعبا بلغت ولا كلابا

قال: أصبت، فهل تعرف أرق بيت قيل في الإسلام؟ قال: نعم، قول جرير:

إن العيون التي في طرفها مرض (٣) … قتلننا ثم لم يحيين قتلانا

يصرعن ذا اللب حتى لا حراك به … وهن أضعف خلق الله أركانا

قال: أحسنت، فهل تعرف جريرا؟ قال: لا والله وإني إلى رؤيته لمشتاق، قال: فهذا جرير، وهذا الأخطل، وهذا الفرزدق، فأنشأ الأعرابي يقول:

فحيا الإله أبا حزرة … وأرغم أنفك يا أخطل

وجد الفرزدق أتعس به … ودق خياشمه الجندل

فأنشأ الفرزدق يقول:

بل أرغم الله أنفا أنت حامله … يا ذا الخنا ومقال الزور والخطل

ما أنت بالحكم الترضى حكومته … ولا الأصيل ولا ذي الرأي والجدل.

فغضب جرير وقال أبياتا، ثم وثب فقبل رأس الأعرابي وقال: يا أمير


(١) المراغة: لقب أم جرير، هجاه به الأخطل.
(٢) طبقاته ٣١٨.
(٣) هذه رواية ابن سلام في طبقاته ٣٥٢، ورواها أيضًا "حور" ٣٢٠، وهو المشهور.