للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: كان لا يقوم خليفة من بني أمية إلا سب علياً، فلم يسبه عمر بن عبد العزيز حين استخلف، فقال كثير:

وليت فلم تشتم علياً ولم تخف … بنيه ولم تتبع سجية مجرم

وقلت فصدقت الذي قلت بالذي … فعلت فأضحى راضياً كل مسلم

وكان قد أحب عزة وشبب بها، فمن ذلك (١):

وإني لتهيامي بعزة بعد ما … تخليت مما بيننا وتخلت

لكالمرتجى ظل الغمامة كلما … تبوأ منها للمقيل اضمحلت

وقلت لها: يا عز كل مصيبةٍ … إذا ذللت يوماً لها النفس ذلت

قال يونس بن حبيب النحوي: كان عبد الله بن إسحاق يقول: كثير أشعر أهل الإسلام، ورأيت ابن أبي حفصة يعجبه مذهبه في المديح جداً، يقول: كان يستقصي المديح، وكان فيه خطلٌ وعجبٌ، وكانت له عند قريشٍ منزلةٌ وقدرٌ.

وروى سعيد بن يحيى الأموي، عن أبيه قال: لقيت امرأةٌ كثير عزة، وكان قليلاً دميماً، فقالت: من أنت؟ قال: كثير عزة، فقالت: تسمع بالمعيدي خيرٌ من أن تراه، قال: مهٍ أنا الذي أقول:

فإن أك معروق العظام فإنني إذا ما وزنت القوم بالقوم وازن.

قالت: وكيف تكون بالقوم وازناً وأنت لا تعرف إلا بعزة! قال: والله لئن قلت ذاك لقد رفع الله بها قدري، وزين بها شعري، وإنها لكما قلت:

وما روضة بالحزن طاهرة الثرى … يمج الندى جثجاثها وعرارها

بأطيب من أردان عزة موهناً … وقد أوقدت بالمندل الرطب نارها

من الخفرات البيض لم تلق شقوةً … وبالحسب المكنون صافٍ نجارها

فإن برزت كانت لعينك قرةً … وإن غبت عنها لم يعممك عارها (٢)

قال الزبير بن بكار: قال عمر بن عبد العزيز: إني لأعرف صلاح بني هاشم وفسادهم بحب كثير، فمن أحبه منهم فهو فاسد، ومن أبغضه فهو صالح، لأنه كان خشبياً يؤمن بالرجعة.


(١) ينظر الأغاني ٩/ ٢٩ - ٣٠.
(٢) ينظر وفيات الأعيان ٤/ ١١٠.