للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بما أوصى به إبراهيم بنيه ويعقوب: ﴿يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ وأوصاهم أن لا يدعوا أن يكونوا إخوان الأنصار ومواليهم في الدين، فإن العفاف والصدق خيرٌ وأبقى وأكرم من الزنا والكذب، وأوصى فيما ترك إن حدث بي حدثٌ قبل أن أغير وصيتي.

قال ابن سعد (١): أخبرنا بكار بن محمد، قال: حدثني أبي، عن أبيه عبد الله بن محمد بن سيرين قال: لما ضمنت عن أبي دينه قال لي: بالوفاء؟ قلت: بالوفاء، فدعا لي بخير، فقضى عبد الله عنه ثلاثين ألف درهمٍ، فما مات عبد الله حتى قومنا ماله ثلاثمائة ألف درهمٍ أو نحوها.

وقال أيوب: أنا زررت على محمد، يعني القميص لما كفنه.

وروى أيوب، عن محمد أنه كان يأمر أن يجعل لقميص الميت أزرار ويكف.

قال غير واحدٍ: مات ابن سيرين بعد الحسن بمائة يوم، وذلك في سنة عشرٍ ومائة، وعاش بضعاً وثمانين سنة، وقد مر مولده أنه في خلافة عمر.

قال خالد بن خداش: حدثنا حماد بن زيد قال: مات ابن سيرين لتسعٍ مضين من شوال سنة عشرٍ ومائة.

قال أبو صالح كاتب الليث: حدثني يحيى بن أيوب أن رجلين تآخيا فتعاهدا إن مات أحدهما قبل صاحبه أن يخبره بما وجد، فمات أحدهما فرآه صاحبه في النوم، فسأله عن الحسن البصري، قال: ذاك ملك في الجنة لا يعصى، قال: فابن سيرين؟ قال: ذاك فيما شاء واشتهى، وشتان ما بينهما، قال: فبأي شيء أدرك الحسن؟ قال: بشدة الخوف والحزن.

وقال المحاربي: حدثنا الحجاج بن دينار قال: كان الحكم بن جحل صديقاً لابن سيرين، فحزن على ابن سيرين حتى كان يعاد، ثم قال بعد: رأيته في المنام في حال كذا وكذا، فسألته لما سرني: فما صنع الحسن؟ قال: رفع فوقي سبعين درجة، قلت: بم؟ فقد كنا نرى أنك فوقه؟ قال: بطول الحزن. رواهما جماعة عن المحاربي (٢).


(١) طبقاته ٧/ ٢٠٥.
(٢) من تاريخ دمشق ٥٣/ ١٧٢ - ٢٤٣، وينظر تاريخ بغداد ٣/ ٢٨٣ - ٢٩٣، وتهذيب الكمال ٢٥/ ٣٤٤ - ٣٥٥.