وقال عكرمة بن عمار، عن إياس بن سلمة، عن أبيه، فذكر الحديث، وقال: ثم إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دعا إلى البيعة في أصل الشجرة، فبايعته أول الناس وبايع، حتى إذا كان في وسط الناس، قال: بايعني يا سلمة. فقلت: يا رسول الله قد بايعتك. قال: وأيضا. قال: ورآني عزلا فأعطاني حجفة أو درقة. ثم بايع، حتى إذا كان في آخر الناس قال: ألا تبايع؟ قلت: يا رسول الله قد بايعتك في أول الناس وأوسطهم. قال: وأيضا. فبايعت الثالثة. فقال: يا سلمة أين حجفتك أو درقتك التي أعطيتك؟ قلت: لقيني عامر فأعطيتها إياه. فضحك ثم قال: إنك كالذي قال الأول: اللهم ابغني حبيبا هو أحب إلي من نفسي. ثم إن مشركي مكة راسلونا بالصلح حتى مشى بعضنا إلى بعض فاصطلحنا. وكنت خادما لطلحة بن عبيد الله أسقي فرسه وأحسه وآكل من طعامه. وتركت أهلي ومالي مهاجرا إلى الله ورسوله. فلما اصطلحنا واختلط بعضنا ببعض أتيت شجرة فكسحت شوكها فاضطجعت في ظلها. فأتاني أربعة من أهل مكة، فجعلوا يقعون في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأبغضتهم، فتحولت إلى شجرة أخرى، فعلقوا سلاحهم واضطجعوا. فبينا هم كذلك إذ نادى مناد من أسفل الوادي: يا للمهاجرين، قتل ابن زنيم. فاخترطت سيفي فشددت على أولئك الأربعة وهم رقد، فأخذت سلاحهم فجعلته ضغثا في يدي، ثم قلت: والذي كرم وجه محمد - صلى الله عليه وسلم - لا يرفع أحد منكم رأسه إلا ضربت الذي فيه عيناه. ثم جئت بهم أسوقهم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وجاء عمي عامر برجل من العبلات يقال له: مكرز، يقوده حتى وقفنا بهم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سبعين من المشركين، فنظر إليهم. وقال: دعوهم، يكون لهم بدء الفجور وثناؤه. فعفا عنهم