للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبلغنا أن أبا رجاء كان يخضب رأسه دون لحيته.

قال ابن الأعرابي: كان أبو رجاء عابداً، كثير الصلاة وتلاوة القرآن، كان يقول: ما آسى على شيءٍ من الدنيا إلا أن أعفر في التراب وجهي كل يومٍ خمس مرات.

وقال أبو عمر بن عبد البر (١): كان أبو رجاء رجلاً فيه غفلة وله عبادة، عمر عمرا طويلاً أزيد من مائة وعشرين سنة، مات سنة خمس ومائة.

وقال غيره: مات سنة مائة.

وقال غير واحد: مات سنة سبعٍ ومائة. وقيل: مات سنة ثمانٍ ومائة.

وقال ابن عبد البر (٢): ذكر الهيثم بن عدي، عن أبي بكر بن عياش قال: اجتمع في جنازة أبي رجاء: الحسن البصري، والفرزدق، فقال الفرزدق: يا أبا سعيد، يقول الناس: اجتمع في هذه الجنازة خير الناس وشرهم، فقال الحسن: لست بخير الناس ولست بشرهم، لكن ما أعددت لهذا اليوم يا أبا فراس؟ قال: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً عبده ورسوله، ثم انصرف، فقال:

ألم تر أن الناس مات كبيرهم … وقد كان قبل البعث بعث محمد

ولم يغن عنه عيش (٣) سبعين حجة … وستين لما بات غير موسد

إلى حفرةٍ غبراء يكره وردها … سوى أنها مثوى وضيعٍ وسيد

ولو كان طول العمر يخلد واحداً … ويدفع عنه عيب عمر عمرد

لكان الذي راحوا به يحملونه … مقيماً ولكن ليس حيٌ بمخلد

نروح ونغدو والحتوف أمامنا … يضعن لنا حتف الردى كل مرصد (٤)


(١) الاستيعاب ٣/ ١٢١١.
(٢) نفسه.
(٣) سقطت من د.
(٤) تهذيب الكمال ٢٢/ ٣٥٦ - ٣٦٠.