وروى بقية عن أبي بكر بن مريم قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى والي حمص انظر الذين نصبوا أنفسهم للفقه، وحبسوها في المسجد عن طلب الدنيا فأعط كل رجل منهم مائة دينار من بيت المال، فكان عمرو بن قيس وأسد بن وداعة فيمن أخذها.
وقال محمد بن عوف الطائي: حدثنا إبراهيم بن العلاء، قال: حدثنا ثوابة بن عون التنوخي، قال: سمعت عمرو بن قيس السكوني يقول: حججت فلما فرغنا من حجنا خرجنا نريد العمرة من بطن مر، فأغفيت، فرأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مقبلاً من ناحية المدينة يريد مكة، ومعه نفر من أصحابه على رواحلهم، فسلمت عليه فرد علي، ثم قال: تريد العمرة؟ قلت: نعم بأبي أنت وأمي، فقال لي: لا، العمرة من الجحفة ثلاثاً. فانتبهت فأخبرت أصحابي برؤياي، وإلى جانبنا رجل معه حشم، فلما سمعني أقص رؤياي أرسل إلي رسوله، فقال: أبو عبد الرحمن يريدك، فقلت: من أبو عبد الرحمن؟ قال: عبد الله بن عمرو، فقلت: أهل هو صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم-؟ قال: نعم، فأتيته فقال: أنت الذي رأيت هذه الرؤيا؟ قلت: نعم، قال: اقصصها علي - رحمك الله -، فقصصتها عليه حتى إذا انتهيت إلى ذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بكى حتى نشج، ثم دعا بماء فتوضأ وحسا منه، ثم قال: اردد علي - رحمك الله - فرددت عليه فتنفس حتى ظننت أن قلبه خرج، ثم قال: امض لما أمرك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في منامك فوالذي بعثه بالحق لربما سمعته غير مرة ولا مرتين يقول: من رآني في المنام فكأنما رآني في اليقظة، فمن رآني فقد رأى الحق، فإن الشيطان لا يتمثل بي.
قلت: وهم من قال: إنه مات سنة خمس وعشرين، فإنه كان فيمن سار للطلب بدم الوليد بن يزيد إلى دمشق، والأصح أنه مات سنة أربعين ومائة فيكون عمره مائة سنة. وكذا قال في عمره محمود بن خالد.