للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الندماء وأبناء الوزراء بالمحابر والدفاتر، فقال: لستم بهم إنما هم الدنية ثيابهم، المشققة أرجلهم، الطويلة شعورهم، برد الآفاق، ونقلة الحديث.

الصولي: حدثنا أحمد بن يحيى، عن محمد بن إسماعيل، عن أبيه قال: قال عبد الصمد بن علي للمنصور: يا أمير المؤمنين لقد هجمت بالعقوبة حتى كأنك لم تسمع بالعفو، قال: لأن بني أمية لم تبل رممهم، وآل أبي طالب لم تغمد سيوفهم، ونحن بين قوم قد رأونا أمس سوقة، واليوم خلفاء، فليس تتمهد هيبتنا في صدورهم إلا بنسيان العفو.

وروي أن هشام بن عروة دخل على المنصور فقال: يا أمير المؤمنين اقض عني ديني، قال: فكم دينك؟ قال: مائة ألف، قال: وأنت في فقهك وفضلك تأخذ مائة ألف ليس عندك قضاؤها! قال: شب فتيان لي فأحببت أن أبوئهم، وخشيت أن ينتشر علي من أمرهم فبوأتهم، واتخذت لهم منازل، وأولمت عنهم ثقة بالله وبأمير المؤمنين، قال: فردد عليه: مائة ألف، استكثارا لها، ثم قال: قد أمرنا لك بعشرة آلاف، فقال: يا أمير المؤمنين أعطني ما تعطي، وأنت طيب النفس فإني سمعت أبي يحدث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: من أعطى عطية وهو بها طيب النفس بورك للمعطي والمعطى قال: فإني طيب النفس بها، فأهوى هشام إلى يد المنصور يقبلها فمنعه، وقال: إنا نكرمك عنها، ونكرمها عن غيرك.

وروي عن الربيع قال: لما مات المنصور درنا في الخزائن أنا والمهدي، فرأينا في بيت أربع مائة حب مسدودة الرءوس فإذا فيها أكباد مملحة أعدها للحصار.

وذكر الرياشي عن محمد بن سلام أن جارية رأت قميصا للمنصور مرقوعا فأنكرت ذلك فقال: ويحك أما سمعت قول ابن هرمة:

قد يدرك الشرف الفتى ورداؤه خلق وجيب قميصه مرقوع

وروى عمر بن شبة، وروي عن المدائني، وغيره أن المنصور لما احتضر قال: اللهم إني قد ارتكبت الأمور العظام جراءة مني عليك، وقد

<<  <  ج: ص:  >  >>