زيد بن حارثة. وقال: إن أصيب فجعفر، فإن أصيب جعفر فعبد الله بن رواحة، فإن أصيب فليرتض المسلمون رجلا. فتهيؤوا للخروج، وودع الناس أمراء رسول الله صلى الله عليه وسلم. فبكى ابن رواحة، فقالوا: ما يبكيك؟ فقال: أما والله ما بي حب للدنيا، ولا صبابة إليها، ولكني سمعت الله يقول:{وَإِنْ مِنْكُمْ إِلا وَارِدُهَا} فلست أدري كيف لي بالصدر بعد الورود؟ فقال المسلمون: صحبكم الله وردكم إلينا صالحين ودفع عنكم. فقال ابن رواحة:
لكنني أسأل الرحمن مغفرة وضربة ذات فرع تقذف الزبدا أو طعنة بيدي حران مجهزة بحربة تنفذ الأحشاء والكبدا حتى يقولوا إذا مروا على جدثي يا أرشد الله من غاز وقد رشدا ثم إنه ودع النبي صلى الله عليه وسلم، وقال:
ثبت الله ما آتاك من حسن تثبيت موسى ونصرا كالذي نصروا إني تفرست فيك الخير نافلة والله يعلم أني ثابت بصر أنت الرسول فمن يحرم نوافله والوجه منه فقد أزرى به القدر ثم خرج القوم حتى نزلوا معان، فبلغهم أن هرقل قد نزل مآرب في مائة ألف من الروم، ومائة ألف من المستعربة، فأقاموا بمعان يومين، وقالوا: نبعث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بخبره. فشجع الناس عبد الله بن رواحة، فقال: يا قوم، والله إن التي تكرهون للتي خرجتم لها تطلبون، الشهادة. وما نقاتل الناس بعدد ولا كثرة، وإنما نقاتلهم بهذا الدين الذي أكرمنا الله به، فإن يظهرنا الله به فربما فعل، وإن تكن الأخرى فهي الشهادة، وليست بشر المنزلتين.
فقال الناس: والله لقد صدق فانشمر الناس، وهم ثلاثة آلاف، حتى لقوا جموع الروم بقرية من قرى البلقاء يقال لها مشارف، ثم انحاز المسلمون إلى مؤتة، قرية فوق أحساء. وكانوا ثلاثة آلاف.