فقال: ويحك اجعلني وإياهم لا عهد بيننا، ما تقول في دمائهم؟ فأجهشت نفسي، وكرهت القتل، فذكرت مقامي بين يدي الله فلفظتها، فقلت: دماؤهم عليك حرام، فغضب وانتفخت عيناه وأوداجه، وقال: ويحك، ولم ذاك؟ قلت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث: ثيب زان، ونفس بنفس، وتارك لدينه قال: ويحك أوليس الأمر لنا ديانة؟ قلت: كيف ذاك؟ قال: أليس كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أوصى إلى علي؟ قلت: لو أوصى إليه لما حكم الحكمين، فسكت وقد اجتمع غضبا، فجعلت أتوقع رأسي يقع بين يدي، فقال بيده هكذا: أومأ أن أخرجوه، فخرجت فركبت، وسرت غير بعيد فإذا فارس فنزلت، وقلت: قد بعث ليأخذ رأسي، أصلي ركعتين، فكبرت فجاء وأنا قائم أصلي فسلم، وقال: إن الأمير قد بعث إليك بهذه الدنانير، قال: ففرقتها قبل أن أدخل منزلي.
وقال يعقوب بن شيبة: حدثنا أبو عبد الملك بن الفارسي عبد الرحمن بن عبد العزيز، قال: حدثنا الفريابي، قال: حدثنا الأوزاعي قال: لما فرغ عبد الله بن علي من قتل بني أمية بعث إلي، وكان يومئذ قتل نيفا وسبعين بالكافركوبات فقال: ما تقول في دمائهم؟ فحدت، قال: أجب، قال: وما لقيت مثله مفوها قط، فقلت: كان لهم عليك عهد، قال: فاجعلني وإياهم ولا عهد، ما تقول في دمائهم؟ قلت: حرام لقوله عليه السلام: لا يحل دم امرئ مسلم. . . الحديث قال: ولم؟ ويلك! أليست الخلافة وصية من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قاتل عليها علي بصفين؟ قلت: لو كانت وصية ما رضي بالحكمين، قال: فنكس ثم نكست ثم قلت: البول، فأشار بيده أن اذهب، فجعلت لا أخطو خطوة إلا ظننت أن رأسي تقع عندها.
هاشم بن مرثد: سمعت أحمد بن الغمر يقول: لما جلت المحنة التي نزلت بالأوزاعي إذ نزل عبد الله بن علي حماة طلبه، قال: فنزل على ثور بن يزيد بحمص فلم يزل ثور يتكلم في القدر من بعد العشاء إلى الفجر، وأنا ساكت ثم صليت، وأتيت حماة فأدخلت على عبد الله فقال: يا أوزاعي أيعد مقامنا هذا