الناس. فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهله، فقال: لا تغفلوا آل جعفر أن تصنعوا لهم طعاما، فإنهم قد شغلوا بأمر صاحبهم.
قال ابن إسحاق: فسمعت عبد الله بن أبي بكر يقول: لقد أدركت الناس بالمدينة إذا مات لهم ميت؛ تكلف جيرانهم يومهم ذلك طعامهم؛ فلكأني أنظر إليهم قد خبزوا خبزا صغارا، وصنعوا لحما، فيجعل في جفنة، ثم يأتون به أهل الميت، وهم يبكون على ميتهم مشتغلين فيأكلونه. ثم إن الناس تركوا ذلك.
فائدة: أخرج مسلم في صحيحه، من حديث عوف بن مالك، قال: خرجت في غزوة مؤتة، فرافقني مددي من أهل اليمن، ليس معه غير سيفه. فنحر رجل جزورا فسأله المددي طائفة من جلده، فأعطاه فاتخذه كهيئة الدرقة. ومضينا فلقينا جموع الروم، وفيهم رجل على فرس له أشقر وعليه سرج مذهب وسلاح مذهب، فجعل يفري بالمسلمين. وقعد له المددي خلف صخرة، فمر به الرومي فعرقب فرسه، فخر وعلاه فقتله وحاز فرسه وسلاحه. فأخذه منه خالد بن الوليد، فأتيته فقلت: أما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بالسلب للقاتل؟ قال: بلى، ولكني استكثرته. قلت: لتردنه أو لأعرفنكها عند رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: فاجتمعنا، فقصصت على رسول الله صلى الله عليه وسلم القصة، فقال لخالد: ما حملك على ما صنعت؟ قال: استكثرته. قال: رد عليه ذلك. فقلت: دونك يا خالد، ألم أقل لك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما ذاك؟ فأخبرته. قال: فغضب وقال: يا خالد لا ترده عليه. هل أنتم تاركو لي أمرائي، لكم صفوة أمرهم وعليهم كدره.
وقال الواقدي: حدثني محمد بن مسلم، عن يحيى بن يعلى، قال سمعت عبد الله بن جعفر يقول: أنا أحفظ حين دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أمي، فنعى لها أبي، فأنظر إليه وهو يمسح على رأسي ورأس أخي، وعيناه تهراقان