شيء مثله في أصغر شيء، فاعلم أن النهي عن الصغير والكبير ليسا سواء، وإنما نهى الله عنهما ليتم حجته على خلقه، ولئلا يعدل عن أمره، ووراء وعيده عفوه، وكرمه، ثم أنشد:
ولا يرهب ابن العم ما عشت صولتي ولا أختتي من صولة المتهدد وإني وإن أوعدته ووعدته لمخلف إيعادي ومنجز موعدي
فقال له عمرو بن عبيد: صدقت إن العرب تمتدح بالوعد دون الوعيد، وقد تمتدح بهما، ألم تسمع إلى قول الشاعر:
لا يخلف الوعد والوعيد ولا يبيت من ثأره على فوت
فقد وافق هذا قوله تعالى: ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا قالوا نعم، قال أبو عمرو: قد وافق الأول أخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم، والحديث يفسر القرآن.
قال الأصمعي: قال لي أبو عمرو: كن على حذر من الكريم إذا أهنته، ومن اللئيم إذا أكرمته، ومن العاقل إذا أحرجته، ومن الأحمق إذا مازحته، ومن العاجز إذا عاشرته، وليس من الأدب أن تجيب من لا يسألك، أو تسأل من لا يجيبك، أو تحدث من لا ينصت لك.
قال الأصمعي: سألت أبا عمرو ما اسمك؟ قال: زبان.
وعن الأصمعي بإسناد آخر قال: أبو عمرو لا اسم له.
وأما اليزيدي فعنه روايتان إحداهما: اسم أبي عمرو العريان، والأخرى أن اسمه يحيى.
وقال الأصمعي: سمعت أبا عمرو يقول: كنت رأسا، والحسن حي.
قال أبو عمرو الداني: حدثنا محمد بن أحمد، قال: حدثنا ابن دريد، قال: حدثنا أبو حاتم، عن أبي عبيدة قال: قال أبو عمرو بن العلاء: أنا زدت هذا البيت في قصيدة الأعمش، وأستغفر الله منه:
وأنكرتني وما كان الذي نكرت من الحوادث إلا الشيب والصلعا
قال الأصمعي: كنت إذا سمعت أبا عمرو يتكلم ظننته لا يعرف شيئا، كان يتكلم كلاما سهلا.
وقال اليزيدي: سمعت أبا عمرو يقول: سمع سعيد بن جبير قراءتي، فقال: الزم قراءتك هذه.