للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كذا قال ابن مسعود (١)، والمشهور ما قبله.

ثم عدل رسول الله الصفوف بنفسه، ورجع إلى العريش ومعه أبو بكر فقط. فجعل يناشد ربه ويقول: يا رب إن تهلك هذه العصابة اليوم لا تعبد في الأرض. وأبو بكر يقول: يا نبي الله، بعض مناشدتك ربك. فإن الله منجز لك ما وعدك. ثم خفق ، فانتبه وقال: أبشر يا أبا بكر، أتاك النصر، هذا جبريل آخذ بعنان فرسه يقوده، على ثناياه النقع.

فرمي مهجع - مولى عمر - بسهم، فكان أول قتيل في سبيل الله. ثم رمي حارثة بن سراقة النجاري بسهم وهو يشرب من الحوض، فقتل.

ثم خرج رسول الله إلى الناس يحرضهم على القتال. فقاتل عمير بن الحمام حتى قتل. ثم قاتل عوف ابن عفراء - وهي أمه - حتى قتل.

ثم إن رسول الله رمى المشركين بحفنة من الحصباء وقال: شاهت الوجوه. وقال لأصحابه: شدوا عليهم. فكانت الهزيمة، وقتل الله من قتل من صناديد الكفر: فقتل سبعون وأسر مثلهم.

ورجع النبي إلى العريش. وقام سعد بن معاذ على الباب بالسيف في نفر من الأنصار، يخافون على رسول الله كرة العدو.

ثم قال النبي لأصحابه: إني قد عرفت أن رجالا من بني هاشم وغيرهم قد أخرجوا كرها لا حاجة لهم بقتالنا، فمن لقي أحدا من بني هاشم فلا يقتله، ومن لقي أبا البختري بن هشام بن الحارث فلا يقتله، ومن لقي العباس فلا يقتله؛ فإنه إنما خرج مستكرها. فقال أبو حذيفة: أنقتل آباءنا وأبناءنا وإخواننا ونترك العباس؟ والله لئن لقيته لألجمنه بالسيف. فبلغت رسول الله فقال لعمر: يا أبا حفص، أيضرب وجه عم رسول الله؟ فقال عمر: دعني فلأضرب عنق هذا المنافق. فكان أبو حذيفة يقول: ما أنا آمن من تلك الكلمة التي قلت يومئذ، ولا أزال منها خائفا، إلا


(١) لكن أخرج أبو داود (١٣٨٤) من طريق الأسود، عن ابن مسعود، أنه قال: "قال لنا رسول الله : اطلبوها ليلة سبع عشرة من رمضان، وليلة إحدى وعشرين، وليلة ثلاث وعشرين. ثم سكت" وهذا موافق للمشهور.