القعنبي، فسماعهم صحيح، ومن سمع منه بعد احتراق كتبه فسماعه ليس بشيء.
قال: وكان ابن لهيعة من الكتابين للحديث، والجماعين للعلم، والرحالين فيه. ولقد حدثني شكر قال: حدثنا يوسف بن مسلم، عن بشر بن المنذر قال: كان ابن لهيعة يكنى أبا خريطة؛ وذاك أنه كانت له خريطة معلقة في عنقه، فكان يدور بمصر، فكلما قدم قوم كان يدور عليهم، فكان إذا رأى شيخا سأله: من لقيت؟ وعمن كتبت؟
عثمان بن صالح السهمي: حدثنا إبراهيم بن إسحاق قاضي مصر قال: أنا حملت رسالة الليث إلى مالك، فجعل مالك يسألني عن ابن لهيعة وأخبره بحاله، فجعل يقول: أليس يذكر الحج؟ فسبق إلى قلبي أنه يريد مشافهته والسماع منه.
قال ابن حبان: قد سبرت أخبار ابن لهيعة من رواية المتقدمين والمتأخرين، فرأيت التخليط عنه في رواية المتأخرين موجودا، وما لا أصل له في رواية المتقدمين كثيرا، فرجعت إلى الاعتبار، فرأيته يدلس عن قوم ضعفى على قوم رآهم ابن لهيعة ثقات، فألزق تلك الموضوعات بهم.
قال قتيبة: لما احترقت كتب ابن لهيعة بعث إليه الليث بن سعد بألف دينار، وقال: حضرت موت ابن لهيعة، فسمعت الليث يقول: ما خلف مثله.
وقال نعيم بن حماد: سمعت يحيى بن حبان يقول: جاء قوم ومعهم جزء، فقالوا: سمعناه من ابن لهيعة، فنظرت فيه فإذا ليس فيه حديث من حديثه، فقمت إلى ابن لهيعة فقلت: ما هذا؟ قال: فما أصنع بهم؟ يجيئون بكتاب فيقولون: هذا من حديثك، فأحدثهم به.
قلت: ولي ابن لهيعة قضاء مصر للمنصور في سنة خمس وخمسين ومائة، فبقي تسعة أشهر، ورزق في الشهر ثلاثين دينارا.
وقد قال ابن وهب مرة: حدثني والله الصادق البار عبد الله بن لهيعة.
قلت: ومناكيره جمة، ومن أردئها: كامل بن طلحة، عن ابن لهيعة أن حيي بن عبد الله أخبره عن أبي عبد الرحمن الحبلي، عن عبد الله بن عمرو أن