للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

موليا ذليلا. فوالله ما عاش إلا سبع ليال، حتى رماه الله بالعدسة (١) فقتلته.

وكانت قريش تتقي هذه العدسة كما يتقى الطاعون. حتى قال رجل من قريش لابنيه: ويحكما؟ ألا تستحيان أن أباكما قد أنتن في بيته ألا تدفنانه؟ فقالا: نخشى عدوى هذه القرحة. فقال: انطلقا فأنا أعينكما فوالله ما غسلوه إلا قذفا بالماء عليه من بعيد. ثم احتملوه إلى أعلى مكة، فأسندوه إلى جدار، ثم رضموا عليه الحجارة (٢).

رواه محمد بن إسحاق من طريق يونس بن بكير عنه بمعناه. قال: حدثني الحسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: حدثني أبو رافع مولى النبي .

وروى عباد بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه قال: ناحت قريش على قتلاها ثم قالوا: لا تفعلوا فيبلغ محمدا وأصحابه فيشمتوا بكم.

وكان الأسود بن المطلب قد أصيب له ثلاثة من ولده: زمعة، وعقيل، والحارث. فكان يحب أن يبكي عليهم (٣).

قال ابن إسحاق (٤): ثم بعثت قريش في فداء الأسارى. فقدم مكرز بن حفص في فداء سهيل بن عمرو. فقال عمر: دعني يا رسول الله أنزع ثنيتي سهيل يدلع لسانه فلا يقوم عليك خطيبا في موطن أبدا، فقال: لا أمثل به فيمثل الله بي، وعسى أن يقوم مقاما لا تذمه. فقام في أهل مكة بعد وفاة النبي بنحو من خطبة أبي بكر الصديق، وحسن إسلامه.

وانسل المطلب بن أبي وداعة، ففدى أباه بأربعة آلاف درهم، وانطلق به.

وبعثت زينب بنت رسول الله في فداء زوجها أبي العاص بن الربيع بن عبد شمس بمال. وبعثت فيه بقلادة لها كانت خديجة أدخلتها بها على


(١) قرحة قاتلة كالطاعون، وقد عَدَس الرجل: إذا أصابه ذلك.
(٢) ابن هشام ١/ ٦٤٦ - ٦٤٧، وانظر الروض الأنف ٣/ ٦٧.
(٣) كتب على هامش الأصل: "هذه الحكاية رواها ابن إسحاق عن يحيى بن عباد بن عبد الله عن أبيه عن عائشة أخصر مما هنا". وانظر ابن هشام ١/ ٦٤٧ - ٦٤٨.
(٤) ابن هشام ١/ ٦٤٩.