للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مع كذب بني هاشم، سترون غدا من يقتل.

وخرج رسول الله في طلب العير، فسلك على نقب (١) بني دينار، ورجع حين رجع من ثنية الوداع. فنفر في ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا. وأبطأ عنه كثير من أصحابه وتربصوا. وكانت أول وقعة أعز الله فيها الإسلام.

فخرج في رمضان ومعه المسلمون على النواضح يعتقب النفر منهم على البعير الواحد. وكان زميل رسول الله علي بن أبي طالب، ومرثد بن أبي مرثد الغنوي حليف حمزة بن عبد المطلب، ليس مع الثلاثة إلا بعير واحد. فساروا، حتى إذا كانوا بعرق الظبية (٢) لقيهم راكب من قبل تهامة، فسألوه عن أبي سفيان فقال: لا علم لي به. فقالوا: سلم على رسول الله . قال: وفيكم رسول الله؟ قالوا: نعم. وأشاروا إليه. فقال له: أنت رسول الله؟ قال: نعم. قال: إن كنت رسول الله فحدثني بما في بطن ناقتي هذه. فغضب سلمة بن سلامة بن وقش الأنصاري فقال: وقعت على ناقتك فحملت منك. فكره رسول الله ما قال سلمة فأعرض عنه.

ثم سار لا يلقاه خبر ولا يعلم بنفرة قريش. فقال رسول الله : أشيروا علينا. فقال أبو بكر: أنا أعلم بمسافة الأرض. أخبرنا عدي بن أبي الزغباء أن العير كانت بوادي كذا (٣).

وقال عمر: يا رسول الله، إنها قريش وعزها، والله ما ذلت منذ عزت ولا آمنت منذ كفرت. والله لتقاتلنك، فتأهب لذلك.

فقال: أشيروا علي.

قال المقداد بن عمرو: إنا لا نقول لك كما قال أصحاب موسى: فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون، ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكم متبعون.

فقال: أشيروا علي.


(١) أي: طريق.
(٢) موضع بين مكة والمدينة قرب الروحاء.
(٣) جَوّد البشتكي نقطة الذال، فهو من باب الإشارة إلى الشيء.