وقال غيره: حج الرشيد فحمل موسى معه من المدينة إلى بغداد، وحبسه إلى أن توفي غير مضيق عليه.
وكان صالحا عالما عابدا متألها، بلغنا أنه بعث إلى الرشيد برسالة يقول: إنه لن ينقضي عني يوم من البلاء إلا انقضى عنك معه يوم من الرخاء، حتى نفضي جميعا إلى يوم ليس له انقضاء يخسر فيه المبطلون.
قال عبد الرحمن بن صالح الأزدي: زار الرشيد قبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال: السلام عليك يا رسول الله، يا ابن عم؛ يفتخر بذلك، فتقدم موسى بن جعفر فقال: السلام عليك يا أبة. فتغير وجه الرشيد وقال: هذا الفخر يا أبا حسن حقا.
وقال النسابة يحيى بن حسن بن جعفر العلوي المدني، وكان موجودا بعد الثلاثمائة: كان موسى يدعى العبد الصالح من عبادته واجتهاده، وكان سخيا، كان يبلغه عن الرجل أنه يؤذيه فيبعث إليه بصرة فيها الألف دينار، وكان يصرر الصرر مائتي دينار وأكثر ويرسل بها، فمن جاءته صرة استغنى.
قلت: هذا يدل على كثرة إعطاء الخلفاء العباسيين له، ولعل الرشيد ما حبسه إلا لقولته تلك: السلام عليك يا أبة، فإن الخلفاء لا يحتملون مثل هذا.
روى الفضل بن الربيع عن أبيه أن المهدي حبس موسى بن جعفر، فرأى في المنام عليا رضي الله عنه وهو يقول:(فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم)، قال: فأرسل إلي ليلا فراعني ذلك، فقال: علي بموسى. فجئته به، فعانقه وقص عليه الرؤيا، وقال: تؤمنني أن تخرج علي أو على ولدي؟ فقال: والله لا فعلت ذاك، ولا هو من شأني. قال: صدقت، وأعطاه ثلاثة آلاف دينار، وجهزه إلى المدينة.
عبد الله بن أبي سعد الوراق: حدثني محمد بن الحسين الكناني قال: حدثني عيسى بن مغيث القرظي قال: زرعت بطيخا وقثاء في موضع بالجوانية على بئر، فلما استوى بيته الجراد فأتى عليه كله، وكنت غرمت عليه مائة وعشرين دينارا، فبينما أنا جالس إذ طلع موسى بن جعفر فسلم، ثم قال: أيش حالك؟ فقلت: أصبحت كالصريم؛ بيتني الجراد. فقال: يا عرفة، زن له مائة وخمسين دينارا. ثم دعا لي فيها، فبعت منها بعشرة آلاف درهم.
مات موسى في شهر رجب سنة ثلاث وثمانين ومائة، وقيل: سنة ست،