وقال أبو عمر بن عبد البر: كان فقيها حسن الرأي والنظر. فضله محمد بن عبد الله بن عبد الحكم على ابن القاسم في الرأي. فذكر ذلك لمحمد بن عمر بن لبابة الأندلسي فقال: إنما قال ذلك ابن عبد الحكم لأنه لازم أشهب، وكان أخذه عنه أكثر. وابن القاسم عندنا أفقه في البيوع وغيرها.
قال ابن عبد البر: أشهب شيخه، وابن القاسم شيخه، وهو أعلم بهما لكثرة مجالسته لهما وأخذه عنهما.
قال: ولم يدرك الشافعي حين قدم مصر أحدا من أصحاب مالك إلا أشهب، وابن عبد الحكم.
قال سعد بن معاذ: سمعت محمد بن عبد الله بن عبد الحكم يقول: أشهب أفقه من ابن القاسم مائة مرة.
وروينا عن محمد بن عبد الله بن عبد الحكم أنه قال: سمعت أشهب في سجوده يدعو على الشافعي بالموت. فذكرت ذلك للشافعي، فأنشد متمثلا:
تمنى رجال أن أموت وإن أمت فتلك سبيل لست فيها بأوحد فقل للذي يبقى خلاف الذي مضى تهيأ لأخرى مثلها فكأن قد قال: فمات - والله - الشافعي في رجب سنة أربع ومائتين، ومات بعده أشهب بثمانية عشر يوما. واشترى أشهب من تركة الشافعي غلاما اسمه فتيان، اشتريته أنا من تركة أشهب.
وقال أبو سعيد بن يونس: ولد أشهب سنة أربعين ومائة، ومات لثمان بقين من شعبان.
قلت: وقول ابن عبد البر: أشهب شيخه، وابن القاسم شيخه وهم، فإن محمدا لم يدرك ابن القاسم، والذي أدركه والده عبد الله بن عبد الحكم. ولعله أراد عبد الله، بدليل ما قال بعد ذلك: ولم يدرك الشافعي في حين قدومه مصر أحدا من أصحاب مالك إلا أشهب وابن عبد الحكم.