صاحبي بمثل ذلك. فقلت لامرأتي: الحقي بأهلك فكوني عندهم حتى يقضي الله هذا الأمر.
قال كعب: فجاءت امرأة هلال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: إن هلالا شيخ ضائع ليس له خادم، فهل تكره أن أخدمه؟ فقال: لا، ولكن لا يقربنك. قالت: إنه والله ما به حركة إلى شيء، والله ما زال يبكي منذ كان من أمره ما كان إلى يومي هذا. فقال لي بعض أهلي: لو استأذنت رسول الله في امرأتك؟ فقلت: لا والله، وما يدريني ما يقول لي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إن استأذنته فيها، وأنا رجل شاب، فلبثت بعد ذلك عشر ليال حتى كملت لنا خمسون ليلة. فلما أن صليت صلاة الفجر صبح خمسين ليلة، وأنا على ظهر بيت من بيوتنا، فبينا أنا جالس على الحال التي ذكر الله منا؛ قد ضاقت علي نفسي، وضاقت علي الأرض بما رحبت؛ سمعت صوت صارخ أوفى على جبل سلع: يا كعب بن مالك، أبشر. فخررت ساجدا، وعرفت أن قد جاء الفرج.
وآذن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بتوبة الله علينا، حين صلى صلاة الفجر. فذهب الناس يبشروننا، وذهب قبل صاحبي مبشرون. وركض رجل إلي فرسا، وسعى ساع من أسلم فأوفى على الجبل، وكان الصوت أسرع إلي من الفرس. فلما جاءني الذي سمعت صوته يبشرني، نزعت ثوبي فكسوتهما إياه ببشراه، ووالله ما أملك غيرهما يومئذ. واستعرت ثوبين فلبستهما، وانطلقت إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فتلقاني الناس فوجا فوجا يهنئونني بالتوبة؛ يقولون: ليهنك توبة الله عليك. حتى دخلت المسجد، فقام إلي طلحة بن عبيد الله يهرول حتى صافحني وهنأني، والله ما قام إلي رجل من المهاجرين غيره، ولا أنساها لطلحة. وقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يبرق وجهه بالسرور: أبشر بخير يوم مر عليك منذ ولدتك أمك. قلت: أمن عندك يا رسول الله أم من عند الله؟ قال: لا، بل من عند الله.
وكان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا بشر ببشارة يبرق وجهه كأنه قطعة قمر، وكنا نعرف ذلك منه. فلما جلست بين يديه قلت: يا رسول الله، إن من توبتي أن