قال: فلما فرغ القوم أسلموا، وأحسن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جوائزهم. وفيهم نزلت:{إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ}
وقال سليمان بن حرب: حدثنا حماد بن زيد، عن محمد بن الزبير الحنظلي، قال: قدم على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الزبرقان بن بدر، وقيس بن عاصم، وعمرو بن الأهتم. فقال لعمرو بن الأهتم: أخبرني عن هذا الزبرقان، فأما هذا فلست أسألك عنه. قال: وأراه قال قد عرف قيسا. فقال: مطاع في أدنيه، شديد العارضة، مانع لما وراء ظهره. فقال الزبرقان: قد قال ما قال وهو يعلم أني أفضل مما قال. فقال عمرو: ما علمتك إلا زمر المروءة، ضيق العطن، أحمق الأب، لئيم الخال.
ثم قال: يا رسول الله، قد صدقت فيهما جميعا؛ أرضاني فقلت بأحسن ما أعلم، وأسخطني فقلت بأسوأ ما فيه.
فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إن من البيان سحرا.
وقد روى نحوه علي بن حرب الطائي، عن أبي سعد الهيثم بن محفوظ، عن أبي المقوم الأنصاري يحيى بن يزيد، عن الحكم بن عتيبة، عن مقسم، عن ابن عباس؛ متصلا.
وقال مسلم بن إبراهيم: حدثنا الأسود بن شيبان، قال: حدثنا أبو بكر بن ثمامة بن النعمان الراسبي، عن يزيد بن عبد الله بن الشخير؛ قال: وفد أبي في وفد بني عامر إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: أنت سيدنا وذو الطول علينا. فقال: مه مه، قولوا بقولكم ولا يستجرئنكم الشيطان، السيد الله، السيد الله.
وقال الزبير بن بكار: حدثتني فاطمة بنت عبد العزيز بن مؤملة، عن أبيها، عن جدها مؤملة بن جميل، قال: أتى عامر بن الطفيل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يا عامر، أسلم. قال: أسلم على أن الوبر لي ولك المدر. قال: يا عامر أسلم. فأعاد قوله. قال: لا. فولى وهو يقول: يا محمد، لأملأنها