للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يشارك في رأيه الإماء والنساء. ولولا أم جعفر وميل بني هاشم إليه لقدمت عبد الله عليه.

وعن المأمون قال: لو عرف الناس حبي للعفو لتقربوا إلي بالجرائم، وأخاف أن لا أؤجر فيه. يعني لكونه طبعا له.

وعن يحيى بن أكثم قال: كان المأمون يحلم حتى يغيظنا.

وقيل: إن ملاحا مر فقال: أتظنون أن هذا ينبل في عيني وقد قتل أخاه الأمين؟ فسمعها المأمون فتبسم، وقال: ما الحيلة حتى أنبل في عين هذا السيد الجليل؟.

وعن يحيى بن أكثم قال: كان المأمون يجلس للمناظرة في الفقه يوم الثلاثاء، فجاء رجل عليه ثياب قد شمرها ونعله في يده. فوقف على طرف البساط وقال: السلام عليكم. فرد عليه المأمون، فقال: أتأذن لي في الدنو؟ قال: ادن وتكلم، قال: أخبرني عن هذا المجلس الذي أنت فيه. جلسته باجتماع الأمة أم بالمغالبة والقهر؟ قال: لا بهذا ولا بهذا. بل كان يتولى أمر المسلمين من عقد لي ولأخي. فلما صار الأمر لي علمت أني محتاج إلى اجتماع كلمة المسلمين في الشرق والغرب على الرضى بي. فرأيت أني متى خليت الأمر اضطرب حبل الإسلام ومرج عهدهم، وتنازعوا، وبطل الجهاد والحج، وانقطعت السبل. فقمت حياطةً للمسلمين إلى أن يجمعوا على رجلٍ يرضون به، فأسلم إليه الأمر. فمتى اتفقوا على رجلٍ خرجت له من الأمر، فقال: السلام عليكم ورحمة الله، وذهب، فوجه المأمون من يكشف خبره. فرجع وقال: يا أمير المؤمنين مضى إلى مسجد فيه خمسة عشر رجلا في مثل هيئته، فقالوا له: ألقيت الرجل؟ قال: نعم. وأخبرهم بما جرى، قالوا: ما نرى بما قال بأسا. وافترقوا. فقال المأمون: كفينا مؤونة هؤلاء بأيسر الخطب.

وقيل: أهدى ملك الروم إلى المأمون تحفا سنية منها مائة رطل مسك، ومائة حلة سمور. فقال المأمون: أضعفوها له ليعلم عز الإسلام وذل الكفر.

وقيل: دخل رجل من الخوارج على المأمون، فقال: ما حملك على الخلاف؟ قال قوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} قال: ألك علمٌ بأنها منزلة؟ قال: نعم. قال: ما

<<  <  ج: ص:  >  >>