للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال أبو عمر بن عبد البر (١): كان فقيها حسن الرأي والنظر. فضله محمد بن عبد الله بن عبد الحكم على ابن القاسم في الرأي. فذكر ذلك لمحمد بن عمر بن لبابة الأندلسي فقال: إنما قال ذلك ابن عبد الحكم لأنه لازم أشهب، وكان أخذه عنه أكثر. وابن القاسم عندنا أفقه في البيوع وغيرها.

قال ابن عبد البر (٢): أشهب شيخه، وابن القاسم شيخه، وهو أعلم بهما لكثرة مجالسته لهما وأخذه عنهما.

قال (٣): ولم يدرك الشافعي حين قدم مصر أحدا من أصحاب مالك إلا أشهب، وابن عبد الحكم.

قال سعد بن معاذ: سمعت محمد بن عبد الله بن عبد الحكم يقول: أشهب أفقه من ابن القاسم مائة مرة.

وروينا عن محمد بن عبد الله بن عبد الحكم أنه قال: سمعت أشهب في سجوده يدعو على الشافعي بالموت. فذكرت ذلك للشافعي، فأنشد متمثلا:

تمنى رجال أن أموت وإن أمت … فتلك سبيل لست فيها بأوحد

فقل للذي يبقى (٤) خلاف الذي مضى … تهيأ لأخرى مثلها فكأن قد

قال: فمات - والله - الشافعي في رجب سنة أربع ومائتين، ومات بعده أشهب بثمانية عشر يوما. واشترى أشهب من تركة الشافعي غلاما اسمه فتيان، اشتريته أنا من تركة أشهب.

وقال أبو سعيد بن يونس: ولد أشهب سنة أربعين ومائة، ومات لثمان بقين من شعبان.

قلت: وقول ابن عبد البر: أشهب شيخه، وابن القاسم شيخه وهم، فإن محمدا لم يدرك ابن القاسم، والذي أدركه والده عبد الله بن عبد الحكم. ولعله أراد عبد الله، بدليل ما قال بعد ذلك: ولم يدرك الشافعي في حين قدومه مصر أحدا من أصحاب مالك إلا أشهب وابن عبد الحكم.


(١) الانتقاء في فضائل الثلاثة الفقهاء ١١٢.
(٢) نفسه.
(٣) نفسه.
(٤) هكذا بخط المؤلف، وفي ترتيب المدارك ٢/ ٤٥٣: "يبغي".