للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الظلة من الدبر (١)، فحمته من رسلهم فلم يقدروا على أن يقطعوا منه شيئا. أخرجه البخاري (٢).

وقال موسى بن عقبة، وغير واحد: بعث رسول الله عاصم بن ثابت وأصحابه عينا له، فسلكوا النجدية، حتى إذا كانوا بالرجيع. فذكروا القصة.

قال موسى: ويقال: كان أصحاب الرجيع ستة منهم: عاصم، وخبيب، وزيد بن الدثنة، وعبد الله بن طارق - حليف لبني ظفر - وخالد ابن البكير الليثي، ومرثد بن أبي مرثد الغنوي؛ حليف حمزة. وساق حديثهم (٣).

وقال يونس، عن ابن إسحاق (٤)، حدثني عاصم بن عمر بن قتادة: أن نفرا من عضل والقارة قدموا على رسول الله المدينة بعد أحد فقالوا: إن فينا إسلاما، فابعث معنا نفرا من أصحابك ليفقهونا في الدين ويقرئونا القرآن، فبعث رسول الله معهم خبيب بن عدي.

قال ابن إسحاق: بعث معهم ستة، أمر عليهم مرثد بن أبي مرثد الغنوي، وسماهم كما قال موسى.

قال ابن إسحاق: فخرجوا مع القوم، حتى إذا كانوا على الرجيع - ماء لهذيل بناحية الحجاز على صدور الهدء (٥) - غدروا بهم. فاستصرخوا عليهم هذيلا، فلم يرع القوم وهم في رحالهم إلا الرجال بأيديهم السيوف، فأخذوا أسيافهم ليقاتلوهم، فقالوا لهم: والله ما نريد قتلكم ولكنا نريد أن نصيب بكم شيئا من أهل مكة، ولكم عهد الله وميثاقه أن لا نقتلكم. فأما مرثد، وعاصم، وابن البكير فقالوا: والله لا نقبل من مشرك عهدا ولا عقدا أبدا. ثم قتلوا، وأرادت هذيل أخذ رأس عاصم ليبيعوه من سلافة بنت سعد، وكانت قد نذرت حين أصاب ابنيها يوم أحد، لئن قدرت على عاصم لتشربن


(١) أي: النحل أو الزنابير، وأهل الشام يستعملون لفظ "الدَّبُّور والدبابير".
(٢) البخاري ٥/ ١٣٢ - ١٣٣.
(٣) دلائل النبوة ٣/ ٣٢٦ - ٣٢٧. وانظر ابن هشام ٢/ ١٧١.
(٤) ابن هشام ٢/ ١٦٩، ودلائل النبوة ٣/ ٣٢٨.
(٥) كتب في حاشية النسخ: "الهدأة والهدء" وكلها بمعنى، وهي موضع بين عُسفان ومكة.