إن الشباب والفراغ والجدة … مفسدة للمرء أي مفسدة
حسبك مما تبتغيه القوت … ما أكثر القوت لمن يموت
وله فيما أنشدنا أبو علي ابن الخلال: أخبرنا ابن المقير، قال: أخبرتنا شهدة قالت: أخبرنا النعالي، قال: أخبرنا محمد بن عبيد الله، قال: حدثنا عثمان بن السماك، قال: حدثنا إسحاق الختلي، قال: حدثني سليمان بن أبي شيخ، قال: أنشدني أبو العتاهية:
ننافس في الدنيا ونحن نعيبها … لقد حذرتناها لعمري خطوبها
وما نحسب الساعات تقطع مدة … على أنها فينا سريع دبيبها
كأني برهطي يحملون جنازتي … إلى حفرة يحثى علي كثيبها
وداعية حرى تنادي وإنني … لفي غفلة عن صوتها لا أجيبها
وإني لممن يكره الموت والبلى … ويعجبه ريح الحياة وطيبها
أيا هاذم اللذات ما منك مهرب … تحاذر منك النفس ما سيصيبها
رأيت المنايا قسمت بين أنفس … ونفسي سيأتي بعدهن نصيبها
ومن شعره:
لدوا للموت وابنوا للخراب … فكلكم يصير إلى ذهاب
لمن نبني ونحن إلى تراب … نصير كما خلقنا من تراب
ألا يا موت لم أر منك بدا … أتيت فما تحيف ولا تحابي
كأنك قد هجمت على مشيبي … كما هجم المشيب على شبابي
ويا دنياي ما لي لا أراني … أسر بمنزل إلا نبا بي
وما لي لا ألح عليك إلا … بعثت الهم لي من كل باب
أراك وإن ظلمت بكل لون … كحلم النوم أو لمع السراب
وهذا الخلق منك على وقار … وأرجلهم جميعا في الركاب
تقلدت العظام من الخطايا … كأنك قد أمنت من العقاب
فمهما دمت في الدنيا حريصا … فإنك لا توفق للصواب
سأسأل عن أمور كنت فيها … فما عذري هناك وما جوابي؟
بأية حجة تحتج نفسي … إذا دعيت إلى طول الحساب