الذين يزعمون أن يحيى بن معين ليس بأمير المؤمنين في الحديث. نعم يا أبا زكريا غلطت، وإنما روى هذه الأحاديث عن ابن عون غير ابن المبارك.
قال الحسين بن حبان: قال ابن معين: دفع إلي ابن وهب كتابا عن معاوية بن صالح، خمسمائة حديث أو أكثر، فانتقيت منها شرارها. لم يكن لي يومئذ معرفة. قلت: أسمعتها من أحد قبل ابن وهب؟ قال: لا.
قلت: يعني أنه مبتدئا لا يعرف ينتخب.
وقال أبو زرعة: لم يكن يُنتفع بيحيى لأنه كان يتكلم في الناس.
وكان أحمد لا يرى الكتابة عن أبي نصر التمار، ولا عن يحيى بن معين، ولا عن أحد ممن امتحن فأجاب.
قلت: كان يحيى بن معين له أبهة وجلالة، وله بزة حسنة، ويركب البغلة ويتجمل، فأجاب في المحنة خوفا على نفسه.
قال حبيش بن مبشر الفقيه: كان يحيى بن معين يحج، فآخر حجة حجها ورجع ووصل إلى المدينة، أقام بها يومين أو ثلاثة. ثم خرج حتى نزل المنزل مع رفقائه، فباتوا. فرأى في النوم هاتفا يهتف به: يا أبا زكريا أترغب عن جواري، مرتين؟ فلما أصبح قال لرفقائه: امضوا ورجع فأقام بها ثلاثا، ثم مات، فحمل على أعواد النبي صلى الله عليه وسلم، وصلى عليه الناس، وجعلوا يقولون: هذا الذاب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الكذب.
قال الخطيب: الصحيح أنه مات في ذهابه قبل أن يحج.
وقال محمد بن جرير الطبري: خرج يحيى حاجا وكان أكولا. فحدثني أبو العباس أحمد بن شاه أنه كان في الرفقة التي فيها يحيى بن معين. فلما صاروا بفيد أهدي إلى يحيى بن معين فالوذج ولم ينضج، فقلت له: يا أبا زكريا لا تأكله، فإنا نخاف عليك. فلم يعبأ بكلامنا وأكله، فما استقر في معدته حتى شكا وجع بطنه، واستطلق بطنه، إلى أن وصلنا إلى المدينة ولا نهوض به، وتفاوضنا في أمره، ولم يكن لنا سبيل إلى المقام عليه لأجل الحج، ولم ندر فيما نعمل في أمره، فعزم بعضنا على القيام عليه وترك الحج. وبتنا ليلتنا فلم نصبح حتى وصى ومات، فغسلناه ودفناه.
وقال مهيب بن سليم البخاري: حدثنا محمد بن يوسف البخاري، قال: