جئني يا صالح بميزان. وجهوا إلى أبناء المهاجرين والأنصار. ثم قال: وجه إلى فلان حتى يفرق في ناحيته، وإلى فلان، حتى فرقها كلها، ونحن في حالة الله بها عليم، فجاءني ابن لي فقال: يا أبه أعطني درهما. فأخرجت قطعة فأعطيته. فكتب صاحب البريد: إنه تصدق بالدراهم في يومه، حتى تصدق بالكيس.
قال علي بن الجهم: فقلت: يا أمير المؤمنين قد تصدق بها. وعلم الناس أنه قد قبل منك. ما يصنع أحمد بالمال وإنما قوته رغيف؟! قال: فقال لي: صدقت يا علي.
قال صالح: ثم أخرج أبي ليلا، ومعنا حراس معهم النفاطات، فلما أصبح وأضاء الفجر قال لي: صالح معك دراهم؟ قلت: نعم. قال: أعطهم. فلما أصبحنا جعل يعقوب يسير معه، فقال له: يا أبا عبد الله، ابن الثلجي بلغني أنه كان يذكرك. فقال له: يا أبا يوسف سل الله العافية. فقال له: يا أبا عبد الله تريد أن نؤدي عنك رسالة إلى أمير المؤمنين؟ فسكت. فقال: إن عبد الله بن إسحاق أخبرني أن الوابصي قال له: إني أشهد عليه أنه قال: إن أحمد يعبد ماني. فقال: يا أبا يوسف يكفي الله. فغضب يعقوب والتفت إلي فقال: ما رأيت أعجب مما نحن فيه، أسأله أن يطلق لي كلمة أخبر أمير المؤمنين، فلا يفعل.
قال: ووجه يعقوب إلى المتوكل بما عمل، ودخلنا العسكر وأبي منكس الرأس، ورأسه مغطى، فقال له يعقوب: اكشف رأسك يا أبا عبد الله، فكشفه. ثم جاء وصيف يريد الدار، ووجه إليه بعدما جاز بيحيى بن هرثمة فقال: يقرئك أمير المؤمنين السلام ويقول: الحمد لله الذي لم يشمت بك أهل البدع. قد علمت ما كان من حال ابن أبي دؤاد، فينبغي أن تتكلم بما يجب لله. ومضى يحيى وأنزل أبي دار إيتاخ، فجاء علي بن الجهم وقال: قد أمر لكم أمير المؤمنين بعشرة آلاف مكان تلك التي فرقها، وأمر أن لا يعلم شيخكم بذلك فيغتم. ثم جاءه محمد بن معاوية فقال: إن أمير المؤمنين يكثر من ذكرك ويقول: تقيم هاهنا تحدث. فقال: أنا ضعيف. ثم صار إليه يحيى بن خاقان فقال: يا أبا عبد الله قد أمر أمير المؤمنين أن أصير إليك لتركب إلى ابنه أبي عبد الله، يعني المعتز. ثم قال لي: قد أمرني أمير المؤمنين، يجرى عليكم وعلى قراباتكم أربعة آلاف درهم، تفرقها عليهم.